سالم حميد

يواصل حكام الدوحة عبثهم بأموال القطريين باستغلال عوائد الغاز الوفيرة، سعياً لتجنيد أفراد في الخارج لتشويه سمعة دولة الإمارات عبر أنشطة مفتعلة وزائفة مدفوعة الثمن، ومن النوافذ التي حاولت قطر فتحها لتخفيف الضغط الخليجي والعربي ضدها، بعد أن تم تقديم الدلائل على دعمها للإرهاب، ما نشرته وسائل إعلام الدوحة من أخبار عن بدء حملة قطرية في الخارج لمقاطعة الإمارات عبر استهدافها وتشويه سمعتها في الأوساط الغربية بادعاءات كاذبة في مجال «حقوق الإنسان».

الحملة القطرية العدائية ضد إمارات الخير والتعايش والانفتاح، لعبت على الورقة الخطأ، عندما حاولت تناول أوضاع العمالة الوافدة، وفي هذا الشأن تحديداً فإن قطر تفتح على نفسها أبواب الحساب، لأن ملفها مثقل بتجاوزات لا تحصى، وكان الأجدر بها النظر إلى وضع العمال لديها ممن يبنون منشآت كأس العالم، لأن هذا الملف الخطير لا يزال مفتوحاً لدى المنظمات الدولية ولم تتمكن الدوحة من إغلاقه، خاصة مع تزايد أعداد وفيات عمال المنشآت الرياضية الذين يعملون في ظروف قاسية، نتيجة لهلع قطر وتخوفها من الفشل في استكمال الاستعدادات لاستضافة كأس العالم، بينما تثق الإمارات بأن صفحتها في هذا الجانب ناصعة البياض، فلدينا قاعدة تشريعية تكفل حماية الحقوق وتضمن توفير معايير عالمية وظروف ملائمة للعمل.

ومن جانب آخر سعت قطر لتحقيق مكاسب شكلية بشراء مناصب دولية عبر ضخ الملايين، بما يتطلبه نيل تلك المناصب الحساسة من دفع لثمن الحملات الدعائية الباهظة والرشاوى التي فاحت روائحها في وسائل الإعلام، وبذلك لحقت مساعي قطر للسيطرة على موقع مدير عام اليونسكو بفضيحة الرشاوى التي تم دفعها لاختيار الدوحة لتنظيم كأس العالم لعام 2022.

نعرف أن قطر مهتمة بشراء الأندية الرياضية واللاعبين، ويبدو أن آليات الانتخاب في اليونسكو فتحت شهية الدوحة لشراء الأصوات، وإجمالاً لن تكسب منظمة اليونسكو شيئاً من الدوحة التي ترى في المناصب الدولية المرموقة سلعة تضمها إلى مقتنياتها!

على المستوى القيمي والثقافي تسببت قطر في وضع منظمة اليونسكو في تجربة أشبه ما تكون بالمزاد التجاري، عندما تم السماح للدوحة بالدخول بثقلها -ليس الثقافي والعلمي المفقود- وإنما بثقلها المالي بهدف السيطرة على المنظمة، ويعلم الجميع أن قطر مجرد منصة لاستخراج الغاز واستخدام عائداته لتمويل الصراعات والجماعات الإرهابية، ولا يوجد لها أي رصيد أو تجربة تستحق الذكر في مجال خدمة الثقافة العالمية. ومؤهلها الوحيد هو ما لديها من ثروة تنفقها بحماقة، بالإضافة إلى اتصافها منذ سنوات بحالة من القلق وعدم الاستقرار السياسي، ما يدفعها إلى استخدام الأموال للدخول في منافسات أكبر من حجمها، وهدفت من السعي للتربع على كرسي أهم منظمة دولية معنية بالشأن الثقافي والمعرفي والتعليمي إلى البحث عن الوجاهة والمكابرة وحصد الألقاب لإشهارها عبر وسائل الإعلام والتفاخر الأعمى بها، ومن دون أي سعي لخدمة الثقافة والتراث العالمي.

هذا ما يدفعنا إلى القول بأن إدراج منصب اليونسكو الحساس للمزايدة شجع قطر التي انهارت بورصتها المالية وأرادت تعويض خسائرها في بورصة المناصب الدولية، وللأسف فإن التهافت القطري يقلل مستقبلاً من مصداقية وأهمية اليونسكو ويخيب الآمال نحوها، لأن وظيفتها أكبر بكثير من تلميع دويلة كل همها البحث عن مكاسب إعلامية لتزيين صحفها الصفراء.

ومثلت الأطماع القطرية في السيطرة على اليونسكو خبراً سيئاً للثقافة العالمية، إذ أثارت الخشية من جعل منظمة مهمة تحت سلطة وأمر قطر الإرهابية، وإلى جانب ما ضخته الدوحة من أموال لشراء الأصوات والترويج لمرشحها، كانت المراهنة قائمة على النفاق القطري المبكر الذي غازل الإسرائيليين بتقديم وعد بعدم فتح ملف مدينة القدس والمسجد الأقصى داخل منظمة اليونسكو، ولا ننسى أن الهوس القطري بحب الظهور يتزامن هذه الفترة مع المكاشفة العربية التي وضعت الدوحة في موقف حرج، من خلال اتخاذ قرار حازم بوضع حد لدعم قطر للإرهاب وتهديد ممارساتها التخريبية للأمن القومي لجيرانها، وعندما وجدت قطر نفسها في زاوية حرجة ومكشوفة حاولت أن تفتح لنفسها نوافذ للهروب من الاستحقاقات الإقليمية الضاغطة عليها بقوة، فجاءت بيضة اليونسكو أخيراً لتقديم نوع من الإلهاء والتسلية الإعلامية التي تستغلها الدوحة، لكن البيضة تحطمت بين يدي قطر وانتهى الأمر.