أحمد الحوسني
ما يميز هذا العام أن الإمارات شهدت تفاعلاً شعبياً كبيراً مع شعار«#معاً_ أبداً» الذي جاء تعبيراً عن قيام دولة الإمارات بمشاركة المملكة العربية السعودية احتفالاتها باليوم الوطني ال 87. المشروعات الكبيرة تبدأ صغيرة وتزداد أهمية عندما تنشأ بإرادة طرفين التقت مصالحهما الاقتصادية والسياسية لتصبح بعدها شراكة اقتصادية خليجية، ومن ثم كتلة اقتصادية ضخمة، تمثل رقماً صعباً إقليمياً ودولياً ما يُمكنها من مواجهة التحديات إزاء الكتل الاقتصادية والدول الصاعدة في آسيا وأوروبا. أعتقد أن البلدين بما يتمتعان به من حكمة ومن خبرة بتداعيات ومشكلات وحروب تمور من حولنا لهي خير دافعٍ لهما أن يبنيا حصناً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً متيناً. والمواقف الحالية التي تتعاون فيها الشقيقتان السعودية والإمارات، وأثبتا بعون من الله وتوفيقه نجاحهما فيها تشكل المنطلق نحو غد مشرق واعد تكونان فيه رافعة خليجية وعربية.
ما يربط السعودية والإمارات من منافع ومصالح مشتركة، وروابط متينة ثابتة ومصير مشترك بات نموذجاً فريداً للتعاون على الصعيدين الخليجي والعربي، فالمتغيرات الحاصلة في المشهد الإقليمي والدولي الراهن، ولا سيما تذبذب وانخفاض أسعار النفط، والتحديات السياسية والاقتصادية المختلفة، تتطلب من البلدين التنسيق بصورة أكبر لتطوير شراكتهما الاقتصادية. في 11 أكتوبر احتضنت العاصمة أبوظبي«خلوة العزم»المنبثقة عن (مجلس التنسيق الإماراتي- السعودي)، التي مثلت ذروة جهود التعاون الثنائي، في تطلع أكبر اقتصادين عربيين (السعودية والإمارات) لإيجاد نموذج عربي ناجح من التكامل الاقتصادي يواجه المتغيرات الاقتصادية العالمية. ركزت جلسات الملتقى على التنوع الاقتصادي وزيادة مساهمة الناتج المحلي غير النفطي وتمكين القطاع الخاص والتكامل الصناعي و«دور المرأة في الاقتصاد» وصاحب الملتقى ورش عمل لمناقشة هذه الأمور، كما شهد عقد جلسات حوارية ولقاءات ثنائية بين رجال الأعمال. وشدد الجانب الإماراتي على أهمية تطوير الطيران المدني، تمهيداً لإنشاء سوق طيران مشتركة في ظل المشاريع الكبيرة للإمارات مثل استضافة إكسبو 2020.
شارك في الملتقى أكثر من 1000 من المسؤولين والمستثمرين ورجال وسيدات ورواد الأعمال من البلدين. وتم الاتفاق على عقد هذا الملتقى كل عامين. وأكد الدور المهم الذي يقوم به قطاع الأعمال في البلدين توافقاً مع «رؤية الإمارات 2021» و«رؤية المملكة 2030». وشهد ملتقى الأعمال الإماراتي- السعودي في أبوظبي توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تتعلق بتعزيز التعاون والشراكة، في مجال الاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني ومجال الحوكمة. وقدم جانب الإمارات للمستثمر السعودي حسومات تتراوح بين 10% و15% وحوافز خاصة.
المملكة تعد رابع أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على مستوى العالم والشريك الأول عربياً في عام 2016. وهي ثالث أكبر مستورد من الإمارات في مجال المنتجات غير النفطية، وثاني أكبر الدول المعاد التصدير إليها، وفي المرتبة 11 المصدرة للإمارات. والإمارات في طليعة الدول المستثمرة في السعودية بقيمة 30 مليار درهم واستثمارات السعودية في الإمارات بلغت نحو 16.5 مليار درهم عام 2015. والتبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بلغ العام الماضي 71.5 مليار درهم.
هذه الخلوة الاقتصادية وما تمخض عنها من اتفاقيات وتطلعات نحو استكمال التعاون الاقتصادي إلى جانب التعاون في المجالين السياسي والعسكري بين البلدين بعد سنوات من التجارب المشتركة والتعاون كعضوين بارزين في مجلس التعاون الخليجي، وأخيراً في «التحالف العربي»، حيث يخوض البلدان معركة إعادة الشرعية اليمنية لتحريرها من ربقة الانقلابيين «الحوثيين» والمخلوع علي عبدالله صالح. هذا التعاون الإماراتي- السعودي سيأتي أُكله لأن كل طرف يقدِّمَ ما عنده، ويشد عضد أخيه بإيثار، من أجل تعزيز الشراكة الحقيقية بين البلدين.
التعليقات