عبده خال

لا أحبذ أو بجملة صريحة لا أحب التربص أو التلصص على ما يفعله الآخرون، فأنا أؤمن أن حياتك ملك خاص وليس من حق أي كائن من يكون أن يلومك أو يستدرك عليك خطأ أو صوابا.

فالحياة تمر بنا مرة واحدة ولا تحتاج إلى إشارات مرور أو نقاط تفتيش تسألك أو تقيد عليك المخالفة إثر المخالفة.

وأيضا أؤمن أن إيمانك وقناعتك هما مرتكزان لوجودك ومن خلالهما تتصرف وتعيش، ولذلك لا أحب أن نستدرك على من يخالفنا في تفكيره أو قناعاته بينما يجد البعض -في أفعال الآخرين- إدانة إذا تم رصده وهو يمارس الفعل الذي ينافح على أنه فعل غير لائق أو محرم.. وأجدني أضرب مثالا بأولئك الذين يتابعون خصومهم لكي يعتقلوا لحظة تورط فيها الخصم أو أقدم عليها مختارا لإثبات تناقض ذلك الخصم.

وفي هذه الأيام ثمة مؤتمر عقد بالخارج شارك فيه كثير من الوعاظ والدعاة وكتغطية صحفية التقطت لهم العديد من الصور التي ظهرت فيها نساء مشاركات ونساء متحدثات ونساء متحاورات مع بعض أولئك الوعاظ، هذه الصور قام بعرضها بعض المغردين كدليل على تناقض أولئك الدعاة.. تناقضهم بين ما يمارسونه في الداخل من تحريم الاختلاط تحريما مطلقا بينما يمارسون الاختلاط في الخارج اختلاطا مطلقا.

ونذكر كم هي الحروب اللفظية التي أثيرت حول الاختلاط، وكم هي التهم التي قيلت عن أي تجمع ثقافي أو اقتصادي أو سياسي حدث به اختلاط، وكم من شخصية تم تصفيتها تصفية وظيفية أو تشويه سيرة بسبب أنها لم ترَ في الاختلاط أي (حرمانية) تذكر.

وعندما يختلط هؤلاء الدعاة في مؤتمر أقيم في الخارج وحدث به اختلاط ولم يستنكروا، وأيضا لم يتذكروا ما يفعلونه بنا في الداخل من أجل الاختلاط يكون في هذا الحدث دعوة لأن يتبصروا بأن حركية العالم تقدمت إلى الأمام وأن جل المجتمعات لم تعد مرتهنة لما يقال، فالمصلحة الحياتية هي التي تقود الفقه وليس العكس.. ويصبح تصيد اللقطات لداعية يتحاور مع امرأة شيئا مزعجا؛ لأن واقع حال ذلك البلد مغاير لحال واقعنا الاجتماعي، ومنه نستطيع القول إن الحكم الفقهي يتغير بتغير جغرافية المتحدث..

على أية حال لا أحبذ بتاتا مراقبة الناس فيما يفعلون، فلهم حرياتهم ولي حريتي وأي من الحريات تنتهي بانتهاء وصولها لحدود حريتك.