الياس الديري

حتى بالنسبة إلى الناس العاديّين بدأ التساؤل إلى أين يأخذون لبنان مجدّداً؟ أإلى الفراغ النيابي، أم إلى ما هو أعظم؟

لم يعد اللبنانيّون يصدِّقون الزعبرات السياسيَّة وتغطية السماوات بالقبوات. فاللعب على حافة الهاوية للمرّة الثالثة بات يحمل أضراراً قد تكسر ظهر لبنان وصيغته ودولته والمؤسَّسات.
هذا ما يمكن استنتاجه من المصارحات والتحذيرات، ومما أدلى به الرئيس نبيه برّي في هذا الصدد.


في فترة الفراغ الرئاسي كان الشرط صريحاً: الجنرال ميشال عون رئيساً أو لا رئيس. الشروط المطروحة هي ذاتها، وبمضمونها أيضاً: القانون الآن أولا انتخابات نيابيّة. قانون النسبيَّة أو الفراغ الكبير. مما يعني الذهاب إلى المجهول.
الفراغ النيابي إذا حصل هذه المرّة ستكون الدولة والصيغة والتركيبة هي المستهدفة، ومعها اتفاق الطائف... وكل ما جعل سيبة الثماني عشرة طائفة نموذجاً أدهش العالم.


إلى درجة أنَّ نوّاباً وسياسيّين ومخضرمين بدأوا يتساءلون عمّا وراء أكمة الوقيعة الجديدة، والتي قفز الفراغ إلى طليعتها، متأبّطاً احتمالات تنضح بها التحذيرات التي بدأت تنهال من كل حدب وصوب.
الرئيس برّي مستاءٌ من التطوّرات الأخيرة وقلقٌ جدّاً على الوضع اللبناني، معتبراً "أن الهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات بأسرها".


كان الاهتمام منصبّاً على انتاج قانون انتخاب يرضي الجميع، فجأة تحوَّل النقاش والصراع في اتجاه السلسلة. ومن حق الناس والإداريّين والأساتذة أن يحصلوا عليها منذ أكثر من عشرة أعوام.


السؤال الذي لم نجد له جواباً "كاملاً" لدى أيّ مسؤول أو مرجعيّة، تناول الاستفسار عن الغايات والأبعاد من تطيير القانون والانتخابات بأسرها، وماذا وراء الأكمة هذه المرّة؟
وهذا السؤال الذي تبرّره السلبيّات التي بدأت تتراكم في الأجواء اللبنانيّية بصورة مقلقة للغاية، يجيب عنه برّي في ختام غضبته ضد كل ما يحصل: آن الأوان لنضع النقاط على الحروف. إن خلفيَّة كل ما جرى هو سياسي... وهدفه عدم التوصُّل إلى قانون انتخاب.


هل في الامكان اعادة الأمور اللبنانيَّة المتشعَّبة إلى نصابها، إذا كان هناك مَنْ يحاول فركشة الانتخابات وزج البلد في مأزق كبير قد يجر إلى إعادة نظر في كل ما جعل لبنان "وطناً رسالة"، ونموذجاً فريداً في صيغته ونظامه؟
وهل يعني ذلك أنّ المطلوب فرط كل التركيبة، وبلوغ مرحلة "مؤتمر تأسيسيّ" جديد، ونظام جديد، ولبنان آخر يختلف كليّاً عن لبنان الحالي الذي لم يعد يعرف الاستقرار والحياة الطبيعيّة منذ الساعة الخامسة عصر الأحد 13 نيسان عندما "سقطت" بوسطة عين الرمّانة، وسقط معها لبنان والزمن الجميل؟
إن السياسة خلفيّة كل ما يجري، والأفعال بالنيّات!