جمال عيّاد
ظلّ الرقص عبر التاريخ انعكاساً لمعتقدات الشعوب، وتعبيراً عن تطلّعاتها النفسية والوجدانية والاجتماعية، وتجسيداً للأنماط الثقافية في الحقب التي مرت بها. ومع تعاظم «العولمة» تدريجاً وصولاً إلى راهنها، بدأت سمات فنون الرقص المرتبطة بثقافة معينة تتوارى لمصلحة مزيج من التأثيرات الآتية من الثقافات والإشارات والرموز التي تعكس التعقيد الذي تزامن مع نكوص الأيديولوجيات في نهاية القرن الماضي.
ومن المهرجانات التي تعبّر عن هذا المعطى، مهرجان عمّان للرقص المعاصر الذي تفتتح دورته التاسعة مساء اليوم في مسرح المركز الثقافي الملكي وتستمر حتى 28 الجاري، ضمن شبكة مساحات للرقص المعاصر التي تنظم أيضاً مهرجانين في بيروت ورام الله.
فمن خلال أداء شاعري، يتناول عرض «كن مثل الماء» لفرقة كاري هواس النروجية ظاهرة التغيّر المناخي والدمار الناتج عنها، ويبحث عن مَواطن الجمال لتحويل الضعف والحزن إلى طاقة إيجابية.
وتشارك في المهرجان «الفرقة 7273» السويسرية التي تقدم عرضاً منفرداً لنيكولاس كانتيلون يتساءل عن ماهية الشيء الذي يوقف الحركة، بينما يعرض سيرك «مانداغورا» الأرجنتيني لوحات مسرحية صامتة تنشغل مجرياتها بتقديم المتعة عبر الاستعانة بفنو سيقى والأدوات غير التقليدية، أثتاء نسج حكاية حب كوميدية.
أما الفرقة الفرنسية «بيك أب برودكشنز» فتقدم عرضاً هو نتاج عشر سنوات من العمل على تقنية الرسم بالضوء، ويمزج بين فنون الخط العربي والرقص والموسيقى.
ويُختتم المهرجان بعرض لفرقة «مسك» الأردنية بعنوان «كلمات»، يتضمن لوحات تعبّر كل منها عن مفهوم محدد يخاطب النظرة الفردية المستقلة إلى الحياة، والحنين إلى جماليات الماضي، والشوق إلى الحرية.
وعن أهمية هذه التظاهرة، قالت مؤسِّسة المهرجان ومديرته رانيا قمحاوي: «تسعى الدورة الجديدة إلى بناء جسور التعاون مع فرق الرقص العالمية وإبراز التنوع الثقافي، فضلاً عن تعريف الجمهور على أحدث العروض في مجال الرقص المعاصر في العالم والمواضيع التي تحاكي القضايا الإنسانية وتتناول التحديات التي يواجهها العالم».
ووصفت قمحاوي تفاعل الجمهور مع المهرجان بأنه «جيد»، موضحةً: «شهدت الدورتان الأخيرتان زيادة ملموسة في عدد الجمهور، بفعل الأداء البارع للفرق المشاركة والتنوع في أساليب الرقص واستخدام التكنولوجيا المرئية والصوتية في العروض».
وحول التأثير المتوقّع للمهرجان في أداء الفرق المحلية، لفتت قمحاوي إلى أن ورش العمل عدة تقام خلال المهرجان «بما يتيح للفرق المحلية المشاركة والاستفادة من تجارب مصمّمي الرقص المشهورين والتعرف على تقنيات الرقص الجديدة».
وأشارت إلى المقترحات الجديدة في هذه الدورة، والتي تتجسد في مشاركة فرقة «مسك» لفنون الرقص التابعة للمركز الوطني للثقافة والفنون، في عرضٍ يضم تسع لوحات من تصميم أعضاء الفرقة الذين ينتمون إلى جيل جديد من الراقصين والراقصات. فضلاً عن استضافة فرقة من الأرجنتين في المهرجان.
وأوضحت قمحاوي أن حفلة اختتام المهرجان ستشهد للمرة الأولى تقديم فقرة تحتفي باليوم العالمي للرقص الذي ينظمه المعهد الدولي للمسرح (ITI).
وتكتب المصممة الأميركية تريشا بروان «رسالة الرقص» لهذا العام، وتلقيها قمحاوي نفسها في الحفلة. ويقام الاحتفال في 29 الشهر الجاري في مدينة شنغهاي الصينية.
وعن التعاون بين مهرجانات عمّان وبيـــروت ورام الله ضمن شبكــــة «مساحات»، بيّنت قمحاوي أنه يتمثل في اختيار الفرق المشاركة في المهرجانات، واستقطاب الدعم لها من منظمات ثقافية محلية ودولية.
التعليقات