أحمد الفراج

عندما يتم انتخاب الرئيس الأمريكي، فإنه يرشح أركان إدارته، وبعض هؤلاء يلزم موافقة مجلس الشيوخ على تعيينهم، وأهمهم وزراء الخارجية والدفاع والعدل، فالأول يتعلق عمله بسياسة أمريكا الخارجية، وأمريكا هي الإمبراطورية التي تحكم العالم، مهما ناكف بعض الزعماء الآخرين،

كما فعل قيصر روسيا، إبان عهد باراك أوباما، الذي فقدت أمريكا في عهده كثيرا من هيبتها، ليس أمام روسيا والصين وحسب، بل أمام إيران !، أما وزير الدفاع، فهو الذي يدير أعتى قوة عرفها التاريخ، والتي بإمكانها أن تدمر الكوكب الذي نعيش فيه خلال دقائق، وغني عن القول إن أمريكا تملك ترسانة عسكرية ضخمة لم تستخدمها من قبل، ولا يعرف أسرار هذه الترسانة إلا كبار الجنرالات، الذين لا يسمع عنهم أحد في غالب الأحيان، وما التقنية الجبارة والأسلحة التي استخدمتها أمريكا في حروبها السابقة إلا خردوات، مقارنة بما تملكه من تقنيات وأسلحة لا تخطر على بال أحد.

وزير العدل هو الذي يشرف على سير مجريات العدالة في كامل الأراضي الأمريكية، ويتولى مهمة تفسير القوانين، ومدى موافقتها أو مخالفتها للدستور الأمريكي، وبالتالي فإن تعيين هذه الشخصيات يكتسب أهمية بالغة، ولا يترك أمره للرئيس وحده، بل يخضع لنواب الشعب في مجلس الشيوخ، الذين يمثلون كل الأحزاب، وكل التيارات الفكرية، من أقصى اليمين المحافظ، والذي يمثله حاليا عضو المجلس الجمهوري عن ولاية كنتاكي، السيناتور ميتش ميكولين، إلى أقصى اليسار الليبرالي، الذي يمثله عضو المجلس عن ولاية نيويورك، تشيك تشومر، وبالتالي فإن المرشح يخضع لاستجوابات عميقة، وبحث وتمحيص في سيرته، ولهذه الاستجوابات تاريخ طويل، يحفل بأفضل وأسوأ ما لدى الإنسان، وقد تستغرق الاستجوابات أياما، أو أسابيع، وأحيانا أكثر من ذلك، وذلك للتأكد من ملائمة المرشح للمهام الجسيمة، التي سيتسنمها ويتحمل مسؤولياتها.

وزير الدفاع الحالي، الجنرال جيمس ماتيس، اجتاز امتحان مجلس الشيوخ بكل يسر، وحاز على نسبة عالية من الأصوات (98 صوتوا بنعم من أصل 100 سيناتور)، وذلك لتميزه، وسيرته الطويلة، وأدائه المهني، أما وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، فلم يحظ بذات التقييم، إذ صوت له 56 بـ»نعم» و43 بـ»لا»، وهو أدنى تأييد لمرشح لوزارة الخارجية في التاريخ الأمريكي، ومع ذلك فهو أفضل حظا من وزير العدل، جيف سيشون، الذي استغرق استجوابه وقتا طويلا، فهو متهم بالعنصرية، وحاول الديمقراطيون الحيلولة دون تعيينه، ولكنه نجا في نهاية المطاف، فقد حصل بالكاد على 52 صوتا، مقابل اعتراض 47 سيناتورا على تعيينه، ولا يجب أن نغفل عن حقيقة أن استجواب وتقييم المرشحين من قبل مجلس الشيوخ قد لا يكون دوما مهنيا، فهناك المناكفات الحزبية، التي تتغلب على الحيادية، وكان هذا واضحا خلال فترة الرئيس ترمب، الذي لاقى، ولا زال يلاقي الأمرين من قبل خصومه، وسنواصل الحديث حول ترشيحات الرئيس، وحول مساعديه، الذين يستطيع تعيينهم، دون شرط موافقة مجلس الشيوخ!.