عبدالمحسن يوسف جمال
بعد أن وصل الإرهاب إلى كل مكان، أضحى من المهم معرفة أسبابه ودوافعه وجذوره التي يتغذى عليها.
أصل الإرهاب الذي يدعى أنه «إسلامي» هو تلك الفتاوى الباطلة التي يطلقها رجال يدعون أنهم يمثلون الإسلام.
وأولى هذه الفتاوى تكفير الآخر مهما كان، وأينما كان.
فمن لم يعتقد بأباطيلهم فهو خارج عن الملة ويجب أن يقتل، وهم بذلك يقتربون من الفهم الخاطئ الذي سجله القرآن الكريم عن أولئك الذين «يحرفون الكلم عن مواضعه».
وتكفير الآخر وتحليل قتله مخالف لسماحة الدين الإسلامي الحنيف الذي يقبل بالعيش الكريم مع أصحاب الأديان الأخرى والزواج منهم والتعامل المعاشي معهم، والسماح لهم بالعبادة، وبالتالي فعلى حكومات العالم كله أن تصدر القرارات الفورية لمنع هذه الفتاوى «القاتلة» من الانتشار، ومحاكمة أصحابها لمخالفتهم سماحة الدين.
وبنفس الاتجاه يجب منع من يدعي «التدين» من نشر خطاب الكراهية ضد الآخرين أو تعليم الناس الدعاء ضد أصحاب الأديان والبشر بشكل عام.
هذه الأمور، وإن اعتبرها البعض أمورا بسيطة، فإنها تعتبر مدخلا لخطاب يدعو إلى كراهية الآخر، ثم نبذه، ثم الدعوة لقتله، وسبي نسائه، وأخذ حلاله.
ولعل هذا كله شاهده العالم في أحداث بعض البلاد العربية التي دخلها الإرهاب التكفيري.
اليوم بدأ هذا التكفير الجاهلي ينزاح عن أرض العرب بعد أن توحّد الشعب العربي ضده في أكثر من بلد واستسلم معتنقوه، وهرب الغرباء إلى بلادهم خائبين.
ولعل ما نشهده في لبنان، من اتحاد شعبه لمحاربة القوى التكفيرية ومحاصرتها واسترداد الأرض منها، هو جانب من الوعي الجديد الذي نتمنى أن يشمل كل الأرض العربية، ويرجع الوعي إلى جذوره الأصيلة بأن تكون بلادنا العربية حاضنة للرأي والرأي الآخر الذي حاول التكفيريون قتله.
محاربة الإرهاب تتطلب وقفة مع النفس ومراجعتها في الدول التي يتغذى «متدينوها» من هذا الفكر المنحرف المحارب عالميا، والاعتراف بالخطأ، والبدء بالتصحيح.
التعليقات