لويزا لافلاك

 بعد أن بدأ لاجئون سوريون يعودون ببطء إلى بلادهم الغارقة في الحرب، تخشى جماعات إغاثة أن يؤدي تغير مقترح في قواعد الأمم المتحدة إلى تسريع إيقاع عملية العودة. وغادر سوريا 5.1 مليون شخص على الأقل خلال الحرب الدائرة منذ ست سنوات وسعى معظمهم إلى اللجوء في تركيا والأردن ولبنان. وأخذت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الاعتبار خطر العنف والاحتجاز في سوريا، ولذا دعمت عدداً كبيراً من اللاجئين في المنطقة. لكن تدفق اللاجئين أرهق اقتصاد الدول المضيفة وعمق التواترات السياسية فيها مما جعلها لا تشجع اللاجئين على الاستقرار بشكل دائم في أراضيها. وفي لبنان، هذا العام، تم ترجيل لاجئين سوريين من مخيمات نازحين بدائية. وفي الأردن يجري ترحيل المئات عبر الحدود ودون سابق إنذار.

 وعبّرت وكالات إغاثة ومدافعون عن اللاجئين عن قلقهم من احتمال إساءة استخدام التعديلات في قواعد الأمم المتحدة التي تحدد السوريين المسموح لهم بالحصول على الحماية. وذكر جيف كريسب، الرئيس السابق لتطوير السياسات في المفوضية، وهو باحث حاليا في مركز «تشاتام هاوس» البحثي للشؤون الخارجية الذي يتخذ من لندن مقراً له، أنه «كان من الواضح للغاية حتى وقت قريب، أن أزمة اللاجئين السوريين طويلة المدى ولذا تحتاج إلى حلول مستدامة. لكن الآن حدث تغير». وقالت المفوضية في يونيو الماضي إنها رصدت «توجهاً ملحوظاً للعودة التلقائية» إلى سوريا. فقد عاد أكثر من 22 ألف لاجئ بين يناير ومايو من العام الجاري. وليس هناك ما يدل على اقتراب موعد حدوث عودة جماعية، لكن المفوضية تستعد لإعادة توطين عدد متزايد ممن عادوا بالفعل إلى سوريا. ونشرت الوكالة بعض التفاصيل وأخطرت عشرات من جماعات الإغاثة بشأن تعديل مقترح تم تحديثه في عام 2015، يتعلق بأي السوريين الذين فروا من الصراع لهم الحق في الحصول على الحماية الدولية. وفي اجتماع عقد مؤخراً في العاصمة الأردنية عمان، انتقد ممثلون بشدة مندوب المفوضية بشأن احتمال أن تتخذ الحكومات المضيفة من التعديلات مسوغاً لترحيل السوريين إلى بلادهم. وجاء في محضر الاجتماع الذي انتشر وسط المنظمات غير الحكومية في المنطقة أن مندوب المفوضية قال: «هل تستغل الحكومات هذا عمداً؟ ربما. هل سنواصل حماية اللاجئين السوريين في مصر؟ بالتأكيد». وقالت «رولا أمين» المتحدثة باسم المفوضية إن الوكالة تعمل على إضافة تحديث مازال قيد النظر. والزيادة في عودة اللاجئين إلى سوريا ترجع في جانب منها إلى تحسن الظروف في بعض المناطق من البلاد. فقد استعادت القوات الداعمة للرئيس بشار الأسد السيطرة على معظم المراكز الحضرية الكبيرة. وآلاف المقاتلين المتمردين الذين كانوا ينتشرون من قبل في أنحاء البلاد استقروا في منطقة تهيمن عليها «النصرة» في شمال البلاد. والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة، رغم أنها بعيدة عن الوقوع في حرب مفتوحة، فإن عدداً كبيراً من اللاجئين يخشون، عند عودتهم، من احتمال الاعتقال أو التجنيد في الجيش السوري الذي يعاني من قلة الجنود. وقال عماد، وهو طالب من حلب اشترط عدم نشر اسمه الثاني خشيةً على حياته، «لا يمكنني الوثوق بأي أحد إذا عدت». ويعيش عماد في مدينة طرابلس اللبنانية. وتحدث عما حدث له في رحلة عودة قصيرة إلى سوريا عام 2014 للحصول على الوثائق المطلوبة لتجديد تصريح إقامته في لبنان. فقد اعتقل بعد ساعات من وصوله إلى دمشق وتعرض للتعذيب لأكثر من عام في أحد أكثر مراكز احتجاز النظام السوري وحشية.وذكر بعض العائدين أن الفقر المدقع لحياتهم في الخارج لم يترك لهم إلا القليل من الخيارات. وقالت «مايا»، وهي أم شابة لأربعة أطفال يعيشون حالياً في دمشق، «كنا نفكر دوماً في أننا سنعود إلى سوريا ذات يوم. لكنا لم نكن ندرك أن هذا سيكون بسبب اليأس أو الإجهاد». وحين كانت الأسرة تقيم في لبنان، توقفت مايا وزوجها عن إرسال أطفالهما إلى المدرسة لمدة عامين بعد أن انتهت أوراق إقامتهم في البلاد. وقالت مايا: «لا أحد من الآباء يريد اتخاذ هذا القرار، لكن ما الذي كان بوسعنا فعله؟». ويرى مايك بروس، من المجلس النرويجي للاجئين في بيروت، أن الكلفة والتعقيدات اللتين تواجهان اللاجئين السوريين الذين تقدموا بطلب الإقامة في لبنان تجعلان الأسر تناضل كي تحقق أبسط احتياجاتها. وأضاف: «إذا قرر لاجئون في لبنان العودة إلى سوريا نتيجة تقلص الأمن والحماية والمساواة في الحياة أو نتيجة الصعوبات الاقتصادية الشديدة أو الطرد أو ظروف قسرية أخرى لن نعتبر عودتهم طوعية». وذكرت جماعات مراقبة أن مئات اللاجئين تجري إعادتهم إلى سوريا كل شهر عبر معبر نصيب الحدودي الأردني. ومؤخراً انتشرت شائعات وسط اللاجئين مثل رسالة على برامج الرسائل الإلكترونية مفادها أن الأسر يتعين أن تغادر بحلول الأول من سبتمبر. وذكرت رسالة أخرى بغير وجه حق أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعتزم إغلاق مكاتبها في الأردن. وقال أحد العاملين في المفوضية مشترطاً عدم نشر اسمه: «الأمر يصل أحياناً إلى حد الهستريا. ونقوم بالكثير من العمل في محاولة تهدئة الناس، لكن إقناعهم بأنهم في أمان أصبح أمراً يتزايد صعوبة».

 *مراسلة «واشنطن بوست» في بيروت