&خالد دراج&&

الحديث الدائم والمستمر بالنسبة للسعوديين عن رؤية السعودية ٢٠٣٠ لم يعد مجرد شعار يتردد عبر وسائل الإعلام وفي كافة أوساط المجتمع، في الشارع والمنزل والمدرسة والجامعة، إلى جانب تجاوزها الحدود إلى الخارج وسط اهتمام وترقب من قبل الجهات المعنية في العالم، بل ان هذه الرؤية تحولت إلى منهج حياة ومرحلة تحد ضخمة حولت السعودية إلى ورشة عمل كبرى تسير في الكثير من الاتجاهات العلمية والاقتصادية والتنموية والعسكرية والبحثية، وليس ذلك كله على مستوى الأرض، بل امتد العمل للفضاء لتبقى البصمة السعودية حاضرة مع بقية دول العالم في صناعة علوم الفضاء، ولعل إطلاق السعودية للقمر الصناعي سعودي ٥ (Saudisat5) قبل يومين يؤكد أن الطموحات السعودية لاتقف، بل تتصاعد وتتطور لتواكب كل جديد في هذا العالم الفسيح.


هذا القمر السعودي الذي وسم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على قطعته الأخيرة عبارة "فوق هام السحب" والذي تم تصنيعه في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الرياض، يؤكد حجم الطموح السعودي لترسيخ استراتيجية الاستثمار الحقيقي في برامج الفضاء وبناء صناعة فضائية مستقبلية ضخمة، القمر "سعودي ٥" يؤمن للقطاعات العسكرية والأمنية والمدنية شبكة فضائية للاتصالات المرئية والإنترنت والاتصالات الآمنة تشمل الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، ويوفّر صوراً عالية الدقة لسطح الأرض بتقنيات متطورة ضمن برنامج طموح وكبير يدعم كذلك إمكان توفير كافة المعلومات الجغرافية للإسهام في التنمية المحلية من تخطيط عمراني ودراسة تخطيط المدن، إلى جانب إسهامه بتقديم معلومات بحثية كبيرة ليس للسعودية فقط، ولكن للمجتمع البحثي العالمي.

وفِي الوقت الذي تتوافر على الأرض في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية معامل سعودية مختصة لعلوم الفضاء يعمل فيها عشرات الخبراء والمهندسين السعوديين الذين وفّروا حاضنة جاذبة للمبتعثين السعوديين العائدين في الاختصاص، تتكامل في الجانب الآخر شارعي مراكز بحثية بالتعاون مع جامعة "كاوست" السعودية التي يعمل فيها العديد من العلماء والخبراء المختصين من كافة دول العالم.

وإن كان العالم يرصد في تاريخه الحضور الفضائي السعودي في أوائل الثمانينات بصعود الأمير سلطان بن سلمان للفضاء على متن مركبة ديسكفري كأول رائد فضاء عربي مسلم، فالكثير في الخارج وربما في الداخل السعودي لا يعلم أن تاريخ الحضور الفضائي للسعودية في صناعة الفضاء بدأ منذ عام ٢٠٠٠ عندما أطلق القمر الصناعي السعودي سعودي سات ١ (Saudisat1)، ما يعطي مؤشرا على أن التخطيط لصناعة الفضاء مشروع كبير وبلا حدود.

كل هذا يحدث في ركن محدود من الجغرافية السعودية في العاصمة الرياض، بينما تتمدد مشاريع توطين التقنية العالمية في العديد من الاتجاهات إلى جانب تشييد المدن التقنية العملاقة في شمال البلاد وغربها، وهذا يؤكد أن الأوطان الكبرى الطموحة لا مجال فيها للتثاؤب أبداً.