عبدالله محمد الشيبة 

ها نحن وقد انتصف «عام زايد» الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والذي أكد أن اختيار ‬عام ‬2018 ‬ليكون «عام ‬زايد»، «‬يجسِّد ‬المكانة ‬الاستثنائية ‬والفريدة ‬التي ‬يمثلها ‬المغفور ‬له ‬بإذن ‬الله ‬تعالى، ‬الشيخ ‬زايد ‬بن ‬سلطان ‬آل ‬نهيان ‬-طيب ‬الله ‬ثراه - ‬لدى ‬كل ‬إماراتي، ‬فهو ‬القائد ‬المؤسِّس ‬لدولة ‬الاتحاد، ‬وواضع ‬أسس ‬النهضة ‬العصرية ‬التي ‬تشهدها ‬دولة ‬الإمارات ‬على ‬المستويات ‬كافَّة، ‬وهو ‬رمز ‬الحكمة ‬والخير ‬والعطاء، ‬ليس ‬في ‬الإمارات ‬والخليج ‬فحسب، ‬وإنما ‬على ‬المستويين ‬العربي ‬والدولي، ‬ولا تزال ‬مواقفه ‬ومبادراته ‬شاهدة ‬على ‬استثنائيته، ‬بوصفه ‬قائداً ‬عصرياً ‬يحظى ‬بتقدير ‬جميع ‬شعوب ‬ودول ‬المنطقة ‬والعالم».

وبالإضافة لجهوده –رحمه الله– في تأسيس دولة الاتحاد، جاءت رؤيته الثاقبة في إرساء سياسة خارجية متوازنة، مما كان له أبلغ الأثر فيما بلغته الدولة في عهده ثم في السنوات اللاحقة وحتى يومنا هذا من مكانة رائدة في قلوب وعقول القاصي والداني، إذ أصبح أبناء الإمارات (أبناء زايد) يحظون باحترام شعوب العالم كله.

وقد أكد الشيخ زايد رحمه الله رؤيته الثاقبة بمقولته الخالدة: «إننا نسعى إلى السلام ونحترم حق الجوار، ونرعى الصديق..». وهي الرؤية الحكيمة التي انعكست في السياسة الخارجية للدولة. ولطالما كان للدور الذي لعبه، طيب الله ثراه، الأثر الكبير في إقامة علاقات متوازنة مع الجميع، حتى أضحت تلك السمة الراسخة في السياسة الخارجية للدولة، شعاراً لها وحجر أساس في نجاح علاقاتها على المستويات الإقليمية والدولية في خضم محيط مليء بالخلافات والتجاذبات السياسية. وكان له –رحمه الله- على مدى أكثر من ثلاثة عقود الجهد الكبير والبصمة الراسخة في تحقيق الوفاق بين الأشقاء العرب، وذلك بالسعي الدؤوب لحل الخلافات العربية عبر أساليب الحوار والتفاهم والتسامح، إضافة لحرصه –رحمه الله- على التنبيه بصورة دائمة إلى خطورة استمرار حالة الخلافات والتمزق والتردي التي أضعفت الأمة العربية، حيث عبّر رحمه الله عن هذا الوضع بقوله: «إنني منذ بداية الخلافات في العالم العربي، وحتى يومنا هذا، لم أبت ليلة واحدة مسروراً لأي خلاف بين شقيق وشقيقه وصديق وصديقه».

وقد تميز المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، برغبته الصادقة وجهوده البارزة في تنقية الأجواء العربية وحل الخلافات والرغبة في توحيد الصف العربي والإسلامي وإعلاء شأن الأمة العربية والإسلامية وتأكيد دورها ومكانتها في العالم، وذلك انطلاقاً من نجاحه –طيب الله ثراه– في تأسيس اتحاد دولة الإمارات ورغبته القوية في نقل تلك التجربة الناجحة والخالدة إلى المحيط العربي. وقد أكد –رحمه الله- على ذلك بمقولته النيرة: «إن الوحدة العربية التي تعتبر دولة الإمارات نواتها، ليست حلماً أو ضرباً من الخيال، ويمكن لهذه الأمة تحقيقها إذا صدقت النوايا وتفاعلت الأماني بالعمل».

وقد نجح –رحمه الله– في ترجمة سياسته الوحدوية على المستوى الخليجي بإعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981 من العاصمة أبوظبي، ليَبرُز كيان عربي خليجي موحد يسعى لتوحيد شعوبه في مواجهة المخاطر المحيطة به. ومن جانب آخر، كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – ينظر بعين إلى تقوية مسيرة اتحاد الإمارات، وبالعين الأخرى إلى العالم العربي والذي كان يقف دوماً إلى جانبه ويهتم بقضاياه. ومن المواقف التي خلدها التاريخ للشيخ زايد رحمه الله، كان موقفه أثناء حرب أكتوبر 1973 عندما دعم المجهود الحربي للدول العربية التي قاتلت العدو الصهيوني مطلقاً مقولته الشهيرة: «إن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي». رحم الله زايد، النموذج والقدوة، والذي تظل دولة الإمارات وفية لنهجه في السياسة الخارجية.