أنمار حامد مطاوع

صحوة التجديد المواكبة للتحديث في المجتمع السعودي ليست وليدة مرحلة متأخرة.. بل على العكس هي تواصل لمرحلة سابقة -قبل 79-. الصحوة المجتمعية التي يقودها الأمير المجدد محمد بن سلمان جاءت فقط لتهز القارب وتعيد ترتيب الاتجاهات.. من بوصلة الدخول في العاصفة.. إلى العالم الأول الذي يحلم به مجتمع السلام السعودي. لكن من الصعب أن تُقنع (الفكر الموجَّه) أن لا يقاوم التغيير؛ خصوصاً عندما يحمل التغيير جدول أعمال جديد يلغي جدولهم.

قد تذبل الأفكار.. لكن شوائبها تظل قوية. فرغم أن فكر الإخوان قد طُرح أرضاً أمام المجتمع كاملاً.. - وكما يقول جلال الدين الرومي: لا تضرب بقدمك من طرحته أرضا- إلا أن ذلك الفكر يحتاج لمزيد من الركلات.. فهو لايزال يجمع رذاذ (القيم الموجَّهة) التي بذرها في المجتمع.. ليحاول صنع فكر تحريضي على كل تحديث.. فهو يرفض العودة لدكة الاحتياط والاكتفاء بدور المشاهد.. ناهيك عن الخروج من خارطة المستقبل. خصوصاً أنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من تشييد آخر جسر لهم للوصول إلى الكارثة المجتمعية مكتملة الأركان التي يحلمون بها، لولا لطف الله وحزم سلمان بن عبدالعزيز الذي هدم المسرح على رؤوسهم وقوض أربعة عقود من الاستعدادات للانقضاض على المجتمع والإمساك بمفاصله.

الإخونجية يأتون بألف لبوس ولبوس؛ داعية، طبيب، أستاذ جامعي، معلم، فاعل خير، موظف عادي، ليبرالي مستتر، رجل أعمال.. وما إلى ذلك من أوجه وأقنعة يتخفون خلفها، وهم موجودون في معظم مجموعات الواتساب؛ تعرفهم من خلال ما يبثون من رسائل محرضة على قرارات الدولة وعلى علماء الدين والمشايخ الذين يتحدثون عن سماحة الإسلام وانفتاحه على الحضارة الإنسانية. من يبثون تلك الرسائل هم من الغاوين الذين يلعبون بالنار.. ومن يعيد إرسال رسائلهم.. يلعب الكبريت دون علم.. والنظام حالياً يصنف تلك الرسائل ضمن الجرائم الإلكترونية بعقوبات صارمة.

أي رسالة في الواتساب تنتقد توجهات الدولة أو تحاول إثارة الرأي العام، لها مصدر رئيس هو: الفكر الإخونجي. فهم بالإضافة إلى الرغبة في استرداد مكانتهم عبر تحريض المجتمع على التمرد على التحديث، يريدون الحفاظ على ماء وجوههم أمام أتباعهم الذين ضللوهم لعقود من الزمن.. ويبقون آخر ورقة تين تغطي العورة.

الفكر الإخونجي منطلق من عقيدة سوداوية يفضحها المنشقون عنهم في كتب موثقة تجعل مَن تعاطف مع ذلك الفكر - في أي وقت مضى - يخجل من نفسه.