& محمد المعزوز&&

في سياق الحرب التجارية الأمريكية – الصينية، والتحولات التي باتت تعرفها الأحداث في كل من الجزائر، ليبيا، والسودان، يطفو اليوم تفكير من داخل الدوائر السياسية الدولية الأكثر تأثيراً، في ما أصبح يطلق عليه «التوترات في منطقة الخليج العربي»، التي قد تفضي إلى حرب شبه دولية نتيجة المواجهة المعقدة بين أمريكا وإيران، وبروز مؤشرات سياسية جديدة في تطور الصراع داخل ليبيا.

محور تفكير هذه الدوائر أولاً، هو الاعتراف بفشل مشروع إسقاط الدولة السورية من داخل حركية الفوضى المصنوعة، التي أخذت بعداً شبه دولي، الغرض منها تحقيق مشروع التقسيم.

ثانياً، نقل الصراع إلى مناطق أخرى لاختبار طرق جديدة لتقسيم المنطقة، وإعادة رسم الحدود على أسس عرقية ودينية وطائفية بلوغاً لطموح الشرق الأوسط الكبير.

لذلك، تجتهد أمريكا في تغيير تكتيكاتها في التعامل مع الصراع في سوريا، بصناعة خريطة للأطماع والتجاذبات بين الأطراف المتصارعة، وتقديمها على أنها دولة فاشلة وقابلة للانتهاء بين براثين تركيا وإسرائيل.

إنها تسعى إلى خلط الأوراق والتعتيم على الإنجازات المحققة إثر تدخل الجيش الروسي الذي أنقد نظام الأسد وحصنه، وهذا ما يتضح من موقف أمريكا وإسرائيل اللتين منعتا الجيش السوري من استكمال استرداد مجمل أراضيه، وإبطال جهود إعادة اللاجئين إلى الأرض السورية.

هذا فضلاً عن عرقلة مشاريع إعادة الإعمار والضغط على كثير من الدول.. ألمانيا، روسيا، وإيران، وبعض الدول العربية لإلغاء التطبيع مع دمشق، ولكشف أبعاد هذه العرقلة، أفاد رئيس مركز الاتصالات الاستراتيجية الروسية «ديميتري أبزالوف»، أن أمريكا تحاول منع روسيا من إعادة إعمار سوريا، لأن تحقيق الاستقرار فيها يعني نجاح موسكو سياسياً، واستراتيجيا في الشرق الأوسط، مما سيفتح الامتداد إلى ليبيا، والعراق، وأفريقيا الوسطى، والبلدان التي تطلب الإعمار بعد أن طالها التدمير الأمريكي.

إن تحول معركة إدلب إلى صراع أطماع وسياسات دولية، جعل ترامب وفق تكتيكه الجديد يدعو إلى التهدئة مع أنقرة، بتأكيده في قمة العشرين الأخيرة على أنه بالرغم من وجود ثلاثين ألف مقاتل في إدلب، فإنه لن يسمح بحرب تؤدي إلى تهجير مليوني مدني.

لكن يبدو أن تشابك خيوط المصالح وتعقدها، انطلاقا من التنسيق المباشر ما بين أنقرة وتل أبيب وواشنطن ضد الجيش السوري، وبين روسيا وإيران وسوريا، قد لا تفرز غير زعزعة الاستقرار الإقليمي، الذي يمتد إلى دول الخليج عبر أزمة طهران، لذلك، من الصعب جداً الحديث عن وجود إرادة سياسية دولية للتطبيع مع الوضع في المنطقة.

وفي هذا السياق، ذكر الباحث في الشؤون الأمريكية «فيكتور أوليفيتش»، أن إضاعة أمريكا وقتها في وضع خريطة في الشرق الأوسط، سيمكن الصين من بلوغ السرعة القصوى وبالتالي تجاوز أمريكا.