& &إبراهيم النحاس

&

&إن المملكة تتطلع لأن ترى السودان دولة عربية عزيزة وإسلامية معتدلة، تعمل لصالح شعبها وتنمية مجتمعها، وتساهم في تعزيز الأمن القومي العربي، وتقف بصلابة في وجه المؤامرات الخارجية الساعية لبث الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب السوداني..

منذُ اللحظات الأولى للمطالب الشعبية، نادت جميع أطراف المجتمع الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة السودان مهما كان حجم تلك المطالب؛ فكان لمُناداتها تلك أثر إيجابي كبير وملموس ساهم في منع المؤامرات الخارجية التي كانت تستهدف أمن واستقرار السودان وتسعى لبث الفتنة بين أبناء الشعب السوداني الوفيّ. ومُنذُ الأيام الأولى لتطور الأحداث السياسية، دعت جميع الأحزاب السياسية والرموز الشعبية والقيادات الوطنية المدنية والعسكرية لأهمية حل المشكلات السياسية بالحكمة التي من شأنها أن تجنب السودان الصراعات الداخلية وتقف بصلابة في وجه التدخلات السلبية الخارجية. ومُنذُ الساعات الأولى لتصاعد الأصوات الشعبية المطالبة بإقامة نظام سياسي مدني، قدمت لأبناء الشعب السوداني الأبيّ حزمة من المساعدات الإنسانية الأساسية، التي من شأنها أن تعينهم على العيش الكريم، وذلك من مبدأ تطبيقها للمبادئ والقيم الإسلامية التي قامت عليها، وإيماناً منها بأهمية الوقوف إلى جانب أبناء السودان الِكرام، وحرصاً منها على تقديم كل سبل الدعم والمساندة لهم في أصعب الظروف التي يمرون بها. بهذه المواقف السياسية الثابتة تاريخياً والصادقة عملياً، وبذلك الدعم الإنساني والمادي المعهود جاءت مواقف المملكة، وتمثلت حكمة قادتها الِكرام، صريحة ومعلنة تجاه السودان وشعبه الكريم.

فمواقف الأخوة والشهامة والوفاء التي وقفتها المملكة تجاه السودان جاءت مُعلنة ببيان رسمي مُنذ اللحظات الأولى لتطور الأحداث السياسية وسبَّاقة على مواقف أطراف المجتمع الدولي الأخرى. فقد جاء ضمن نص ذلك البيان الذي بثته "واس" في 13 ابريل 2019م الآتي: "... وأن المملكة العربية السعودية تؤكد تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني الشقيق حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني الشقيق. وتعلن المملكة دعمها للخطوات التي أعلنها المجلس في المحافظة على الأرواح والممتلكات، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، وتأمل أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار للسودان الشقيق، وتدعو الشعب السوداني بكافة فئاته وتوجهاته إلى تغليب المصلحة الوطنية وبما يحقق تطلعاتهم وآمالهم في الرخاء والتنمية والازدهار. وإسهاماً من المملكة في رفع المعاناة عن كاهل الشعب السوداني الشقيق، فقد صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - للجهات المعنية في المملكة بتقديم حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية".

وبعد أن تمكن أبناء السودان من تجاوز الفراغ الدستوري والتوصل لاتفاق سياسي وافقت غالبية الأطراف المُمثلة لأبناء الشعب السوداني، جاءت، أيضاً، مواقف المملكة البناءة ثابتة على منهجها التاريخي، ومُعلنَة كما عهدها العالم، ومُباشرة لا تحتمل التأويل. هذه المواقف الحكيمة لسياسية المملكة عبر عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - عندما أجرى عدة اتصالات رسميَّة عبر من خلالها عن مواقف المملكة السياسية الداعمة لأمن واستقرار وازدهار السودان، والمؤيدة لقرارات رجاله الحُكماء، والمُقدِرة لجهود كل من ساهم في مساعدة ومساندة السودان في كل الأوقات وعلى جميع المستويات. فأولى هذه الاتصالات الكريمة التي بثتها "واس" في 18 أغسطس 2019م جاءت مع كل من: "رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والقيادي بقوى الحرية والتغيير السودانية أحمد ربيع. وعبر سمو ولي العهد خلال الاتصالين عن التهنئة بالاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه كافة الأطراف السودانية. كما جرى خلال الاتصالين التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب السودان وشعبه الغالي بما يعزز الأمن والاستقرار فيها، وذلك عقب الاتفاق التاريخي الذي وقع أمس، مشيرًا سموه إلى أن استقرار السودان جزء مهم من استقرار المنطقة، متمنيًا التوفيق بما يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق". كما أجرى - حفظه الله - اتصالاً آخر مع "دولة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. وعبر سمو ولي العهد عن التقدير لدولته على الدور الذي قام به في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية، مؤكدًا وقوف المملكة مع كافة الجهود التي تسهم في أمن واستقرار المنطقة". كذلك أجرى –حفظه الله- اتصالاً آخر مع "رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي. وأعرب سمو ولي العهد خلال الاتصال عن التقدير للجهود التي بُذلت في تحقيق الاتفاق التاريخي بين كافة الأطراف السودانية، مؤكدًا دعم المملكة لما يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق، ويحفظ أمن السودان واستقراره".

وفي الختام من الأهمية القول إن المملكة التي تقف مع السودان سياسياً واقتصادياً ومادياً، وتدعم آمنه وسلمه واستقراره، وتُشدد على أهمية تعزيز وحدته الشعبية والجغرافية، تتطلع لأن ترى السودان دولة عربية عزيزة وإسلامية معتدلة، تعمل لصالح شعبها وتنمية مجتمعها، وتساهم في تعزيز الأمن القومي العربي، وتقف بصلابة في وجه المؤامرات الخارجية الساعية لبث الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب السوداني. هذا التطلع البناء الذي تعبر عنه سياسة المملكة تجاه السودان مبني على مؤشرات إيجابية عبرت عنها سلوكيات أبناء الشعب السوداني بحكمتهم التي مكنتهم من تجاوز أزمتهم السياسية، وبحسن إدارتهم لشؤون مجتمعهم التي ساعدتهم على تجاوز أسباب الفرقة والاختلاف، ومكنتهم من الابتعاد عن أسباب الفتنة الداخلية والصراعات الأهلية. إنه التطلع الذي يدعو للتفاؤل حول مستقبل السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي.