FINANCIAL TIMES

& مارك فاندفيلد&

علاقة دونالد ترمب المتكدرة مع البنك المركزي الأمريكي شهدت تحولا بشعا هذا الأسبوع، وللمرة الأولى لم يكن الرئيس هو المعتدي.
عام من الشكاوى الرئاسية بشأن ارتفاع أسعار الفائدة دفع المحامين إلى نفض الغبار عن قانون الاحتياطي الفيدرالي لعام 1913. ترمب يعتقد أن النظام الأساسي الغامض الصياغة يمنحه الحق في إقالة جاي باول، الرجل الذي عينه رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نهاية عام 2017. حتى الآن، أقنع الرئيس نفسه بمحاولة التأثير في طرق باول بدلا من ذلك، ووصف شريك "كارلايل جروب" السابق بأنه "عدو" أمريكا، وشبهه بـ "لاعب جولف لا يستطيع أن يضرب الكرة بخفة".
لكن يوم الثلاثاء اقترح مسؤول كبير سابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يحاول البنك المركزي الأمريكي بدلا من ذلك حث الناخبين على إقالة الرئيس. بيل دودلي الذي شغل منصب نائب رئيس لجنة تحديد أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي حتى العام الماضي، كتب مقال رأي ينصح فيه

زملاءه السابقين بعدم محاولة تخفيف الأضرار الاقتصادية الناجمة عن حرب ترمب التجارية مع الصين "والتفكير في كيف ستؤثر قراراتهم في النتيجة السياسية في 2020". وأضاف أن إعادة انتخاب ترمب تمثل تهديدا للاقتصاد الأمريكي.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي تصدى على الفور، مشددا على أن "الاعتبارات السياسية لا تلعب أي دور على الإطلاق" في قراراته. بعض الاقتصاديين رأوا أن تصريحات دودلي تهدد إجماعا طويل المدى على أن محافظي البنوك المركزية يجب أن يكونوا أحرارا في تحديد السياسة النقدية دون تدخل سياسي. لاري سمرز الذي خدم في إدارتي بيل كلينتون وباراك أوباما، قال إن حجة دودلي تتعارض مع المبادئ الديمقراطية، مضيفا أنه "ربما يكون البيان الأقل مسؤولية من مسؤول مالي سابق منذ عقود".
في حين أن باول مصمم على إبقاء السياسة خارج مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يعتقد كثيرون في "وول ستريت" أن ترمب يحاول أن يجعل ذلك مستحيلا. "لديك رئيس، رجل عقاري، رجل أكثر انسجاما من أي شخص مع أسعار الفائدة، وما الذي يحركها، وما يحدث عندما تتحرك"، حسبما قال أحد كبار الخبراء الماليين. "لقد حاول انتقاد باول على الملأ، وهذا لم يحركه. حسنا، بالتالي الآن تأتي مشكلات الصين. إذا رأى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن ذلك خطر وقرر أن يستوعبه، فمن المحتمل أن يعتقد ترمب أن ذلك ليس بالأمر السيئ".
الفكرة القائلة إن البنوك المركزية ينبغي أن تدار بشكل مستقل بعيدا عن السياسيين اكتسبت رواجا منذ ثمانينيات القرن الماضي. بعد ذلك واجه بول فولكر، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق، انتقادات بسبب فترة من ارتفاع أسعار الفائدة يعتقد على نطاق واسع أنها أدت إلى حدوث ركود. ما حدث في تلك الفترة أقنع الأمريكيين أيضا بأن الاحتياطي الفيدرالي جاد في معالجة التضخم. النهج الأمريكي تم استنساخه في بريطانيا وأوروبا وغيرهما.
لكن إذا كان اختيار أسعار الفائدة مهمة من الأفضل تركها لمحافظي البنوك المركزية ونماذجهم، فليس من الواضح أن الأمر نفسه ينطبق على تدخلات السياسة النقدية التي جرت منذ الأزمة المالية، التي شملت إنقاذ المؤسسات المالية، والاتفاق على تبادل عملات ضخم مع بنوك مركزية أجنبية، وشراء الأدوات المالية للقطاع الخاص باستخدام نقد تم سكه حديثا.

مثلما لاحظ عضو الكونجرس الديمقراطي السابق، بارني فرانك، بعد محادثة في عام 2008 مع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، بن برنانكي، "لا ينبغي لأي شخص في دولة ديمقراطية، غير منتخب، أن يملك 800 مليار دولار لإنفاقها بالطريقة التي يراها مناسبة". دودلي كان خبيرا اقتصاديا في "جولدمان ساكس" لمدة عقدين من الزمن قبل الانضمام إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك عام 2009، تماما في الوقت الذي أصبحت فيه مثل هذه الإجراءات الاستثنائية هي القاعدة.
لكن ما هو غير مألوف في علاقة ترمب مع باول ليس رغبته في إظهار نفوذه إلى حد كبير، بل الطريقة الفظة على نحو غير مسبوق، التي يحاول بها ممارسة ذلك. كما أوضح بيتر كونتي براون، الباحث القانوني في كتابه "قوة واستقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي" The Power and Independence of the Federal Reserve، الرؤساء ورؤساء مجلس الاحتياطي الفيدرالي حدث بينهم في بعض الأحيان انسجام وتناغم لافت ومعروف.
ريتشارد نيكسون، مثلا، اختار آرثر بيرنز، وهو رجل كان قريبا منه لدرجة أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق كتب في مذكراته عن الرئيس "أن صداقته كانت واحدة من ثلاث تعد أفضل الصداقات في حياتي". تيموثي جايتنر، الذي كان وزيرا للخزانة في عهد أوباما، حاول أن يؤسس علاقة مماثلة مع برنانكي من خلال التحدث إلى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في كثير من الأحيان لدرجة أن علاقتهما كانت "مكالمة جماعية لا تنتهي أبدا"، حسبما كتب في مذكراته عن الأزمة تحت عنوان "اختبار الإجهاد" Stress Test.
لم يكن كلينتون قد تولى منصبه بعد، عندما تبين له خلال حديث مع مستشاريه أن إعادة انتخابه "تعتمد على الاحتياطي الفيدرالي ومجموعة من المتداولين في السندات"، حسبما ورد في كتاب بقلم بوب وودوارد صدر عام 1994. بعد ذلك بوقت قصير استدعى ألان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى أركنساس وقدم له ما يعده خبير الاقتصاد المسهب بشكل ملحوظ أنه الثناء الذي لا ثناء بعده.

"أستطيع أن أرى لماذا اشتهر بأنه سياسي في التواصل مع الأفراد"، حسبما كتب جرينسبان في وقت لاحق في كتاب "عصر الاضطراب" The Age of Turbulence. "لقد جعلني أصدق أنه فعلا كان يتطلع إلى رؤيتي".

& & &&