عبدالله بن بخيت

يقع بعض المثقفين في الفخ الذي نصبه لنا العروبيون بحسن نية إن شاء الله واستحسنه الإسلامويون على رجاء عودة العثمانيين.

من السهل أن تضع الأمم والشعوب والأحداث والأديان في قوالب، إجراء يسهل عليك إصدار الأحكام وبناء الأفكار السريعة الجاهزة، الهنود مجموعة شعوب يقدر عددهم بمليار ونصف، تنتظمهم عدد من الأديان والأعراق المختلفة وكل أشكال التفاوت الطبقي، لكن من الأسهل إذا أردنا المديح أن نقول إن الهنود بارعون في علوم الكمبيوتر والبرمجة والدليل نسبتهم العالية في وادي السليكون في أميركا، من السهل أيضاً إذا أردنا الذم أن نصفهم بالغباء والجمود الفكري، في كل مناسبة يمكنك أن تضع الهند في الإطار الذي يتفق مع تلك المناسبة. إذا حدث أن أيدت الهند إسرائيل يتحول كل الهنود إلى هندوس يحاربون الإسلام والمسلمين، أما إذا صوتت الهند إلى جانب قضية فلسطين فتتحول الهند إلى طبيعتها المنبثقة من كفاحها العظيم ضد الاستعمار.

بيد أن المثقف العربي في الستينات في زمن الكفاح ضد الاستعمار (الغربي) طور مفهوماً مفاده أن الغرب كتلة واحدة يتفقون علينا أو معنا، صوتهم واحد وهدفهم واحد ولكنهم يتبادلون الأدوار كل حسب جهوده وإمكاناته، لا يشبه هذا المفهوم سوى المفهومين الحالمين الآخرين الذي يقول: إن الشعوب العربية أمة واحدة والشعوب الإسلامية أمة واحدة أيضاً، رغم أن هؤلاء الكتاب العرب ينتسبون لهاتين الكتلتين قلباً وقالباً وقرؤوا تاريخ الصراعات الدامية بين شعوب هاتين الكتلتين والتي ما زالت دائرة حتى هذه اللحظة التي يكتب فيها هذا المقال. ولكن الإصرار على حلم الوحدة وحلم الخلافة حول الحلمين إلى حقيقة ماثلة، لم يكتفِ العقل العربي بأن تمثل هذا الحلم وصار يعيش على حضوره بل تحول إلى معيار تقاس به الشعوب الأخرى وبالأخص الشعوب الغربية، العرب أمة واحدة والمسلمون أمة واحدة إذاً الغرب أمة واحدة.

هذه التخيلات التي تحولت إلى حقيقة صارت تلعب دور الفرضية الأولى عند مناقشة أي صدام بين أي دولة عربية أو إسلامية وبين الغرب، كل ما تفعله أي دولة غربية في بلاد العرب لا يتم إلا بتنسيق بين الدول الغربية كافة، حتى وإن أبدت دولة غربية اعتراضاً على هذا الفعل يبقى هذا الاعتراض ضمن التنسيق المتبادل العلني أو السري حسب الخبث المتوفر.

على أن ندرك دائماً لن توجد قوة على الأرض تسمح للشعوب الغربية أن تكون أمة واحدة، ما نشاهده من هدوء وسلام بين الدول الغربية يعود إلى سببين الأول الازدهار الاقتصادي والثاني حجم التسلح الذي تملكه كل الأطراف، دواعي تفكك الدول الغربية أكثر من دواعي تفكك سورية أو العراق، من أهم أسباب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العمالة (الأوروبية) التي غزت بريطانيا، بكلمة أخرى العنصرية المتبادلة بين الشعوب الغربية.