عبدالله بن بخيت

أعلن حسن نصرالله زعيم حزب الله أن أقصى ما يستطيعه العدو هو أن يقتلنا، تصريح مهم يلخص كل شيء، فلسفلة رجل الدين الذي يقود حزباً دينياً وعلاقته بالحياة، من هذا التصريح سنفهم ما الذي يحدث؟. لماذا يضحي نصرالله ببلاده وأهله وعشيرته من أجل إيران؟ ولماذا تضحي إيران بشعبها؟ ولماذا زج دعاة الحروب بالأولاد ليقتلوا في كل الصراعات التي تصادفهم؟، لماذا اندلعت حروب الجهاد التي لا نصر فيها، من أفغانستان إلى الشيشان إلى سورية والعراق والصومال ونيجيريا وتشاد، كل تلك الحروب كانت معدة للفشل ومضمونة الفشل قبل أن تبدأ، من تصريح نصرالله هذا نفهم أن هدفها في الواقع هو الفشل.

منطق خطير جداً، ليس على هؤلاء الدعاة بل حتى على الطرف الآخر الذين يذهبون للتصارع معه، هؤلاء لم يأتوا للحرب بمنطق الحرب، كلمة نصرالله تلخص لنا تاريخ الجهاديين وقيمهم وأهدافهم، جاؤوا ليقتلوا أنفسهم ويقتلوا الآخرين.

لا يوجد إنسان على الأرض كان يتوقع أن تنجح تجربة داعش في إقامة الخلافة، حتى أعضاء داعش ومن يؤيدها لا يمكن أن يتصوروا أن مشروعاً كهذا يمكن أن يحقق أي شيء غير الموت، تصطخب سورية بالقوى الكبرى والإقليمية، لا أحد من هذه القوى أخذ مشروع داعش كمسألة قابلة للنقاش، تعريف البشر لمشروع داعش يختلف تماماً عن تعريف أعضاء داعش لمشروعهم، فرق جوهري في الاتجاه، داعش يبحث عن الموت بأي ثمن ولسان حالة يقول: ما الذي سوف نخسره سوى أرواحنا؟، ما أتفهه من ثمن!

عندما فجر أشقياء الأرض أنفسهم في الشيشان بقيادة خطاب وزمرته، وفي نيجيريا بقيادة بوكو حرام، وفي الصومال بقيادة شباب الإسلام. لا أحد منهم يريد تحرير شيء أو استعادة شيء أو النصر من أجل شيء كل ما هنالك أن العدو لا يريد منا سوى أرخص ما نملك كما قال نصرالله، فهذا العدو لن يجد أكثر من موتنا يجنيه.

لا قيمة لخراب ديارنا، ولا قيمة لتخلفنا بين الأمم، ولا قيمة للجمال والفن، ولا قيمة للسعادة طالما لا قيمة للحياة وللنوع البشري، نفس التعبير الذي تردد صداه قبل سنوات قليلة عندما جلس داعية أمام مجموعة من صغار السن وصرخ بكل ما يستطيع: فليموتوا فليموتوا.

كنا نقول: إن هؤلاء سيخرجوننا من ديارنا، ثم قلنا سيخرجوننا من العصر، ثم قلنا سوف يخرجوننا من التاريخ، وحقيقة الأمر أن هؤلاء يريدون الخروج من الحياة ويأخذوننا معهم، ويأخذون كل من يصادفهم في الطريق.