علي الفواز

يبدو أنَّ مرض كورونا أثار الشجن كثيراً، وتحوّل إلى مرض عابر للقارات، له أبعاده التجارية والدعائية وربما السياسية، حدّ أنّ البعض وضعه في خانة "الأمراض المستحيلة" وصولا الى الغلو به، وإثارة الرعب في نفوس الناس، رغم أنّ القاعدة العلمية تقول: لا يوجد مرضٌ من دون علاج، أو من دون إجراءات وقائية تقلل من خطر الإصابة به، لكن هذا يعتمد على طبيعة الاستعدادات الصحية الوقائية والعلاجية، وعلى أهمية عمل مؤسسات التثقيف الصحي، وقدرتها على صناعة خطابٍ يؤثّر في الجمهور، وينعكس على وعيهم وعلى تغيير أنماط عاداتهم وسلوكهم.

الخوف من مرض كورونا الفيروسي قد يبدو مُبرراً، وواقعياً، لأنه تحوّل الى "وباء" عالمي كما تقول منظمة الصحة العالمية، ولأنّ الاصابة به سريعة وحادة، لكن هذا لا يعني العجز العلمي عن مواجهته، والحدّ من التعرّض له، أو حتى الشفاء منه، فالصين التي ظهر المرض في أراضيها تقول: إن عشرات الالاف يتعافون يوميا منه، ويعودون الى حياتهم الطبيعية، ورغم طبيعة الضجة التي اثارها "كورونا" عالميا، إلّا أنّ اجراءات البحث عن مصولٍ للوقاية منه، أو للعلاج من الاصابة به، تحولت الى همٍّ عالمي وانساني، والى "منافسة" طبية بين عديد دول العالم لغرض السيطرة عليه، ولمعرفة اسبابه العلمية والبيئية والغذائية.

العراق لا يختلف عن دول العالم الاخرى، ودول الاقليم التي باتت مُهددة بالمرض، والاستعدادات التي تُعلنها الجهات الرسمية في وزارة الصحة والبيئة، تكشف عن جهود حقيقية وفاعلة لمواجهته، على المستوى الوقائي والثقافي والبيئي، وعلى مستوى الاحتراز الاجتماعي وبرامج العزل والحجر الصحي، ومن خلال آليات الفحص العلمي الدقيق في المطارات وفي المنافذ الحدودية، أو عبر اجراءات منع السفر والاستقبال من الدول ذات البيئة المرضية، فضلا عن الحملات التي تُنظّمها مؤسسات المجتمع المدني لرفع منسوب الوعي الصحي بين الجمهور لتفادي أي اخطار قد تحدث هنا أو هناك.

إن الحفاظ على السلامة العامة موضوع يخصّ الجميع، ويخصّ السياسات الستراتيجية التي تحددها الدولة، لا سيما وسط بيئات اجتماعية تتطلب جهوداً استثنائية، على مستوى عمل المؤسسات الصحية وتهيئة برامج الوقاية الصحية والفحص من قبل وزارة الصحة، أو على مستوى اصدار القرارات التنظيمية والتنسيقية التي تخصّ عمل المؤسسات الساندة في وزارات الخارجية، والنقل، والتربية والتعليم العالي، وكذلك امانة بغداد وغيرها، فضلا عن الجهات المسؤولة عن صناعة الخطاب الاعلامي والثقافي الذي يطمئن الجمهور من جانب، ويمنع تصديق كثير من الشائعات التي تهدف الى زعزعة الامن المجتمعي من جانب آخر، مثل شبكة الاعلام العراقي وهيئة الاعلام والاتصالات، فضلا عن عديد القنوات الفضائية والاذاعات ومنصات التواصل الاجتماعي.