بادرت مجموعة من المهتمين من مواطني مجلس التعاون الخليجي بإصدار بيان مدني منادياً بعودة اللحمة الخليجية وتخطي العقبات، التي يواجهها المجلس منذ 2017، من اجل الخروج من الخلاف الخليجي دون بريق أمل حتى اليوم لحلّه!

تهدف المبادرة المدنية الخليجية، الى التعبير مجدداً عن صادق الامنيات لطي صفحة الماضي السياسي العليل، وتجديد التذكير ايضا بمتطلبات مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية، التي باتت تهدد أمن واستقرار كل الدول الاعضاء في المجلس دون اي استثناء.

الخلاف الخليجي.. الى اين؟

سؤال حملته ومازالت تكابده عقول مستنيرة وضمائر شعبية من شرائح وفئات المجتمع الخليجي كافة، فقد تعدى هذا الهم المثقل بترسبات متراكمة على مدى سنوات حتى قبل بروز الخلاف الخليجي على السطح قبل اربع سنوات.. تعدى هذا السؤال النخب الفكرية والثقافية ليشمل كل فرد من الأسر في دول مجلس الخليجي، لاسيما الأسر المتضررة اجتماعياً من هذا الخلاف.

قد يبدو مضمون البيان فيه شيء او كثير من الاجترار للتطلعات نفسها، لكن كان لابد من اعادة قرع اجراس التذكير والتحذير ايضا من استمرار الخلاف الخليجي.. هناك اطراف ودول بالجوار غير العربي متربصة لكل دولة خليجية.. متربصة بمصير امن واستقرار المنطقة ككل، وهو ما يحتم الوحدة في مواجهة التهديدات، التي تنتظر لحظة الانطلاق بشكل اكثر وضوحاً ومباشرةً!

فقد اصبح افول بعض الانظمة الاستبدادية في الوطن العربي ليس فرصة لتحرر شعوب الدول المعنية والقوى العالمية والإقليمية المؤيدة لهذا التغيير، وإنما اصبح فرصا لتأزيم العلاقات بين بعض حكومات مجلس التعاون الخليجي من خلال تسريب بعض المواد الاعلامية على مراحل، او كلما لاحت بالأفق ملامح بشائر أمل للتفاهم الخليجي، بهدف وأد كل الانفاس المنتظرة لانفراج خليجي - خليجي!

أكاد أجزم بأن هناك شخصيات رسمية وغير رسمية في دول الاعضاء بالمجلس الخليجي، التي لديها ما تقوله بشأن الخلاف الخليجي بعقلانية وحكمة، ولكن الظروف باتت مفزعة خوفاً من ردود الفعل الرسمية!

نتمنى من حكومات «الخليج العربي الواحد»، ألا تقيد الحراك المدني في دول المجلس، بل تفسح المجال امام اي تحرك شعبي- مدني قد يجد له حالياً تأثيراً ايجابياً وسريعاً لدى عدد من العقول.. فمن المؤكد ان تلد عدداً اكبر في المستقبل القريب والعاجل.

اتمنى ان تمعن الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بهذا الاقتراح، وكذلك المبادرة المدنية الحديثة، فنوافذ العمل المدني قد يكون لها حظ اوفر من القنوات الدبلوماسية في معالجة الجمود السياسي، ومن ثم تتوافر فرص جديدة للحوار الخليجي تمهيدا لزوال العقبات.

ينبغي على الامين العام للمجلس د. نايف الحجرف استثمار فرصة توفير الدعم السياسي للمبادرة المدنية الحديثة من اجل فتح المجال للحوار الشعبي - الرسمي والحوار المدني الخليجي ايضا، بهدف كسر حاجز الصمت المهيمن على المشهد الخليجي العام.

فمثل هذا التحرك يتطلب الاستعانة بفريق استشاري - مدني من الموقعين على المبادرة سالفة الذكر من اجل القيام بجولة خليجية، بمعية الامين العام.. فالظرف الحالي يتطلب امكانيات سياسية ونقاشية قادرة على قيادة حوار جديد بحيادية من اجل مصلحة شعوب ودول مجلس التعاون الخليجي.

ينبغي على الاخ الحجرف ادراك ان خبرته السياسية المتواضعة لن تسعفه في الخروج من دائرة العمل السياسي التقليدي، فالمصلحة الخليجية تحتم القبول بمرئيات براغماتية وقدرات خليجية غير رسمية.