لملم الصحفي الإيراني المعارض روح الله زَم، أوراقه وجراحه وبقايا روحه الحالمة بإيران مزدهرة، وقرر مغادرة باريس متجهاً إلى بغداد، باحثاً عن داعم له في حرب الكلمة التي يخوضها لفضح ممارسات النظام الإيراني المستبد، إلا أنه بدلاً من ذلك وصل إلى حبل المشنقة، الذي لم يراد به رقبته بقدر ما أريد به كسر عنق الكلمة التي حاول أن يوصلها لشباب إيران، لعلهم يشبون عن طوق الاستبداد الذي يمارسه نظامهم تجاه كل من يطالب بالحياة الكريمة، بدلاً من عنتريات تصدير الثورة والأحلام التوسعية البائدة.

ورغم كل السوداوية التي يحملها إعدام الكلمة على مقصلة الاستبداد، إلا أن التهمة التي أُدين بها زَم تحمل في طياتها قدراً غير مسبوق من الكوميديا، وهي تهمة «الإفساد في الأرض»، وكأن النظام الإيراني نذر نفسه لحماية الفضيلة والدفاع عن إعمار الأرض وازدهارها، وسخر كل قوته وقدراته في سبيل الحياة الكريمة للبشر.

المفسدون في الأرض هم تجار السلاح وصناع الخراب، هم من جيروا كل قدراتهم للمارقين في المنطقة لزعزعة استقرارها، هم مَن اقتلعوا ورود بيروت وزرعوا بدلاً منها سلاحاً موجهاً لصدور اللبنانيين، هم مَن استباحوا بغداد وجعلوها ساحة لتصفياتهم الطائفية البغيضة، هم مَن جعل أبناء صنعاء يموتون جوعاً وقهراً، هم مَن حوَّلوا رائحة الياسمين في شوارع الشام إلى رائحة البارود والدماء.

المفسدون في الأرض ليسوا حملة الكلمة والحالمين بطهران التاريخ والحضارة، بل أولئك العابثون بمصير المنطقة، التي لولا أياديهم الخبيثة التي تمتد هنا وهناك لزرع القتل والدمار والفتنة والطائفية، لكانت من أكثر المناطق تنمية وتحضراً، فما الذي ينقصها لتنافس أكثر مناطق العالم تقدماً وازدهاراً؟.. كل مقومات التنمية من موارد طبيعية وبشرية متوفرة هنا.

النظام الإيراني ورغم كل هالة القوة التي يحاول أن يبدو عليها، إلا أنه نظام مرتجف يعيش بلا جذور شعبية، فهو نمر من ورق يحارب في كل تجاه إلا أنه يرتعب من الكلمة التي تصدر من إيراني أعزل، فهو نظام يدرك أن أمثاله لا يسقطون إلا من الداخل، وحينها ستكون نهايته أشنع بكثير مما يتصور الكثيرون.

باختصار «كلٌّ يرى الناس بعين طبعه»، فالنظام الإيراني المفسد في المنطقة والعالم، لم يجد تهمة يوجهها لكل معارض له سوى تهمة «الإفساد في الأرض».