شهد العراق تقلبات في سعر صرف العملة المحلية منذ الربع الأخير من عام 1990، حين بدأت القرارات الدولية الاقتصادية العقابية تصدر تباعاً جراء غزو الكويت، حتى تجاوز سعر الصرف أمام الدولار الأمريكي 3000 دينار.
وعندما جرى الاتفاق عام 1995 على برنامج النفط مقابل الغذاء، بدأ سعر صرف الدينار يتحسن قليلاً، وظل حتى الاحتلال الأمريكي للعراق في أبريل 2003، في حدود 2354 ديناراً بحسب نشرة البنك المركزي العراقي، لكن سعر الصرف مال إلى الارتفاع قليلاً، حتى جرى تثبيته مدة طويلة تجاوزت 15 عاماً عند 1250، قبل أن يصدر قرار الحكومة العراقية مطلع هذا الأسبوع بخفض قيمة الدينار أمام الدولار إلى 1450 للبنك المركزي، وللأفراد 1470.
وزير المالية برَّر في بيان هذا القرار بقوله: «إن تعديل سعر الصرف هو قرار سياسي للقيادة العراقية، ويحظى بتأييد القوى السياسية والبرلمانية والفعاليات الاقتصادية التي شاركت مع الحكومة في نقاشات مطولة للتوصل إلى هذا الإجراء، بالإضافة إلى الجهات الدوليّة المختصة، ومنها: صندوق النقد الدولي، الذي وعد بتخصيص مبالغ كبيرة لمواجهة انعكاسات الجائحة على الفئات الهشة، وهي جزء مهم من برنامج الإصلاح الحكومي».
هذا القرار جاء بعد أن عجزت الحكومة عن دفع رواتب الموظفين، وقرَّرت الاقتراض من البنوك الأهلية، وهي بنوك تابعة لجهات وزعامات سياسيَّة حصراً.
وفي هذا الإجراء يستمر العجز المالي كبيراً بسبب أحاديّة الاقتصاد المعتمد على إيرادات النفط، والفساد الكبير الذي يضرب المفاصل الأساس في الاقتصاد، كما أن المكاتب الاقتصادية التي استحدثتها الميليشيات تجبي أموالاً لا صلة لها بوازرة المالية.
فضلاً عن المشكلة المالية المزمنة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان حول تسليم مبالغ النفط المبيع في الإقليم، وإيرادات المنافذ البرية مع تركيا وإيران مقابل تسديد الحصّة المقررة في الموازنة العامة.
إن الدينار العراقي كيان سياسي مسنود برعاية أمريكية تتجلّى من خلال دخول إيرادات النفط العراقي إلى خزانة البنك الفيدرالي الأمريكي، ومن ثم يتم التحويل إلى البنك المركزي العراقي، وهذا إجراء يحمي الوارد العراقي من اقتطاعات قد تطالها دول أخرى جراء ديون سابقة وغرامات كانت مفروضة على النظام السابق.
في كل الأحوال، لا توجد خطة واضحة للنهوض بالاقتصاد تصاحب خفض قيمة الدينار، لذلك لا توجد ضمانات لكلام وزير المالية في أن هذا الخفض هو الأخير لقيمة العملة.
التعليقات