الطفل يعشق ألعاب الفيديو..
حتى الكبار يحبونها، لكن الطفل مستعد أن يكرس جل يومه لها، ولو لم يجبره أهله على الدراسة والصلاة لجلس كالصنم أمام ذاك الصندوق، وأنا كنت منهم طبعا، عشقتها بشدة، ولما اكتشفت مجلات ألعاب الفيديو وقفت مبهوتا لما رأيت، وظيفة جديدة لم أعرف أنها موجودة.. مُقيّم ألعاب، إنه أحد محرري المجلة، وكلما خرجتْ لعبة جديدة اشترتها له المجلة أو تُرسَل له من الشركة التي صنعت اللعبة، فيلعبها حتى النهاية ثم يكتب تقييمه لها من جهة الصوت والموسيقى والتحكم والرسوم والمتعة.
شعرتُ بالجذل، وقلت: «هذه وظيفة أحلامي! إذا كبرت لا أريد إلا هي!». وأي شيء أعظم من أن يدفعوا لي راتبا لكي ألعب؟ رأيت عدة وظائف كهذه: ناقد أفلام ومسلسلات، متذوق أطعمة، ناقد أدبي، العادة ألا يتولى النقد إلا خبير، فشخص رأى 5 أفلام ولا يقرأ كثيرا لن يصلح ناقدا، لكن صاحب القلم البارع والذي شاهد 500 فيلم بما فيها عالمية من أوروبا وأميركا الجنوبية واليابان أحق أن يتولى المهمة.
ولكن.. تغيرت نظرتي بعد بعض الحوارات!
ناقشتُ فيلما رائعا مع أحد نقّاد الأفلام فقال بلا مبالاة: فيلم عادي، قلت: ولم؟ قال: لم يأت بجديد، الحبكة شبيهة بفيلم كذا الذي صدر قبل 40 سنة، والمشهد الفلاني فيه ملامح من فيلم ياباني سابق، والبطل كأن شخصيته مبنية على بطل فيلم إيطالي فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان «كان».
وهذا هو المأزق لدى النقاد، أو لأي شخص يتعمق بشدة في مجالٍ ترفيهي: التشبع، بعد أن تسمع 100 ألف أغنية ولحن ومقطوعة ستتشبع، ولو أتت أغنية جديدة بديعة فستبدو رائعة للكل ما عداك. المقدمة تشبه شيئا سمعته من قبل، والنهاية مألوفة، والجوقة ترى أنها مسروقة من عمل سابق. إذا أتت رواية بحبكة ممتعة وأنت قد قرأت مئات الروايات، فأنّى لها أن تفاجئك؟
أوجه الترفيه هذه ممتعة في أولها، لكن تقل المتعة تدريجيا، وكل الأفكار مرت عليك، ولا مفاجآت أو إبداع، فكل جزء من الرواية أو الفيلم أو المسلسل أو الأغنية يشبه شيئاً سَبَقه.
التوسط هو الحل.. أبقِ لنفسك شيئا يمتعك، احذر مأزق الناقد!
التعليقات