* (الأستاذان في علم الجريمة جيمس ويلسون، وجورج كيلنج) نجحا في العام 1982م بوضع (نظرية اجتماعية، أسمياها «النوافذ المحطمة»)، وهي مبنية على قاعدة في علم النفس البشري تقول: (بأنّ الإنسان لديه حُبّ للانضباط والالتزام بالقوانين والآداب العامة، إذا توفرت له البيئة المشجعة على ذلك، ولكنه سرعان ماينفك من هذا الالتزام إذا رأى الانفلات من حوله)!.

* النظرية قامت على أن (بقاء النوافذ المكسورة في الشوارع، سيشجع المارّة على كسر المزيد منها عبثاً، ثم سيأتي الذي يحطم نوافذ السيارات، ثم يتحول ذلك العبث الى جرأة؛ ليتمّ اقتحام البيوت وسرقتها أو إتلافها، وهكذا شيئاً فشيئاً تكبر كرة الثلج)؛ مؤكّدة ومُرَدِّدة بأنّ (النار من مستصغر الشَّرَر)!.

* هذه النظرية رغم بساطتها إلا أنها صنعت ثورة في علم الاجتماع، وسارعت العديد من الدول والمجتمعات لتنفيذها، فما أحوجنا لها اليوم؛ فـ(مجتمعنا) خلال السنوات الأخيرة أحاطت به عوامل منها: (الفكرية التي صنعتها العولمة الثقافية، وأخرى سوسيولوجية وتكنولوجية عَزّزت من سطوتها «المساحات المفتوحة للفضاءات الإنترنتية، وبرامجها الرقمية)؛ فكانت النتيجة إصابة شريحة من المجتمع بـ (الصَّدمة الحضارية)، التي أنجبت ممارسات قفزت على مسلمات الدِّين والقِيم والأخلاق والفطرة الإنسانية.

* الشواهد كثيرة ومتنوعة ومِن أقربها ما احتضنه الأسبوع الماضي فقط: (فهذه إحدى مشهورات الغفلة ماتت فيها أبسط نبضات الأمومة؛ فقامت بتعنيف طفلها، موثِّقة ذلك بمقطع مرئي، نشرته في الشبكة العنكبوتية؛ فيمـا قام أحدهم بتصوير وبثِّ تَطاوله على ذاتِ الله عزّ وجلّ، وكتابه القُرآن الكريم، وذلك حساب في (تويتر) يرَوِّج لفعاليات سياحية بعبارات خارجة، وخادشة للحياء، بل إنها تدعو صراحة للعلاقات المحرمة!).

* طبعاً ما خفي أعظم؛ ولكن هذا ما وصل صَداه للمنصات والمنتديات الإعلامية، ومع إيماننا بأن تلك الجرائم والتجاوزات تبقى الآن في دائرة الأحداث الفردية، ولكن حتى لا تتحول في المستقبل إلى ظواهر اجتماعية، ولا يأتي ما هو أخطر منها وأكبر، أدعو إلى تطبيق (نظرية النوافذ المحطمة)، بتغليظ العقوبات على المتجاوزين، وقبل ذلك توسيع دائرة الرّصد والمتابعة من مؤسساتنا الاجتماعية والأمنية، التي نثق بها جداً، وبحرصها أبداً على الأمن المجتمعي بشتى صوره!.