بعض الفنانات المصريات دخلن السينما من باب الرقص، فحصرهن المخرجون في أدوار راقصة الكباريه أو الفتاة اللعوب في معظم أفلامهن. من هؤلاء الراقصات الفنانة المصرية من أصول أرمنية «هيرمين أوهانيس سانوسيان» التي اشتهرت فنيًا باسمها الأول فقط. غير أن الرقص الذي اشتهرت به هذه الفنانة كان مختلفًا لا يثير الغرائز.

وُلدت هيرمين في الاسكندرية في تاريخ غير معلوم لعائلة محافظة، بدليل أن والدها كان يرفض ذهابها إلى استديوهات التمثيل دون مرافقتها شخصيًا، وتوفيت بمسقط رأسها في الأول من يناير عام 2005.

أول أفلامها هو فيلم «خدعني أبي» الذي أخرجه محمود ذوالفقار عام 1951 من بطولته مع صباح وتحية كاريوكا. أما آخر أفلامها فقد كان فيلم «عريس مراتي» من إنتاج عام 1959 وإخراج عباس كامل وتمثيل اسماعيل يس وعبدالسلام النابلسي ولولا صدقي.

وما بين هذين العملين قدمت هيرمين خلال مشوارها الفني 24 فيلمًا قام بإخراجها كبار مخرجي عصرها من أمثال: حسن الإمام (قلوب الناس /‏54، وكأس العذاب /‏53، وحب في الظلام /‏53)، ابراهيم عمارة (يا ظالمني /‏54، ودموع في الليل /‏55، وربيع الحب /‏56)، محمد عبدالجواد (الدنيا لما تضحك /‏53 وبين قلبين /‏53 وكذبة أبريل /‏54 والسعد وعد /‏55)، بركات (أنا الحب /‏54)، نيازي مصطفى (بنات حواء /‏54) وحلمي رفلة (قدم الخير /‏52)، احمد بدرخان (الله معنا /‏55)، السيد بدير (عاشت للحب /‏59)، كمال الشيخ (المنزل رقم 13/‏ 52)، عيسى كرامة (في سبيل الحب /‏55 وجرب حظك /‏56)، أنور وجدي (دهب /‏53)، أحمد كامل مرسي (كدت أهدم بيتي /‏54)، إلهامي حسن (نداء الحب/‏56)، عباس كامل (في صحتك /‏55 وعريس مراتي /‏59).

وقفت هيرمين في هذه الافلام أمام نجوم كبار، مثل فاتن حمامة وعماد حمدي وشكري سرحان ومحسن سرحان، ومحمود المليجي وتحية كاريوكا وصباح وماجدة وشادية وحسين رياض واسماعيل يس، وعبدالسلام النابلسي واحمد رمزي وزهرة العلا وزبيدة ثروت، وكمال الشناوي وانور وجدي ويحيى شاهين ومحمد فوزي، ومديحة يسري وحمدي غيث ومحمد قنديل ومحمود شكوكو، ونجاح سلام ومحمد سلمان والمطرب كمال حسني وغيرهم.

درست هيرمين منذ سن السادسة فن الباليه، ونبغت فيه إلى درجة أنها صارت مدرّسة له عندما كبرت، وبعد الحرب العالمية الثانية استهواها الرقص الشرقي فغزته محاولة تطبيق فنون الباليه عليه، ما جعل رقصها متميزًا لهذا السبب، خصوصًا أن بعض الموسيقيين راح يضع ألحانًا خاصة برقصاتها عُرفت بـ«رقصات هيرمين»، على نحو الألحان التي صاحبت رقصاتها الاستعراضية في فيلم «الدنيا لما تضحك»، ثم في فيلم «بنات حواء».

لم يجد المصريون، بعد انقلاب يوليو 1952، راقصة أفضل منها لتكون سفيرة فنية لهم في الخارج، فطافت البلاد العربية باستعراضاتها ورقصاتها المميزة بدءًا من العراق إلى بلاد المغرب، حيث نالت في كل مكان حلت فيه الاستحسان وجوائز التقدير.

تخللت حياة هيرمين قصة علاقتها مع الفنان شكري سرحان والتي انتهت بزواجهما (كان الزواج الأول لكليهما)، بعد أن ظهرا معًا في ستة أفلام. ومما قيل إن كليهما أحبا بعضهما البعض حبًا شديدًا، جعلهما يبكيان بحرارة وقت انفصالهما بعد سنتين من العلاقة الزوجية التي لم تستمر بسبب اختلاف طباعهما. وقد تجلى حب سرحان لها في أنه أرسل لها ورقة الطلاق مرفقة بباقة ورد ورسالة غرامية.

من الذين أعجبوا بهرمين، وكان وراء إطلاق اسم «فراشة بألف جناح، ترقص فلا تثير الغرائز» المصور الأرمني «ليو» صاحب أستوديو التصوير الخاص بشارع قصر النيل، والذي كان المصور الوحيد في تاريخ التصوير بمصر الذي كان يرفض تصوير من لا ملامح ولا تعبيرات لوجهه، فكان محله محجة لكبار الفنانين ورجالات الدولة والشخصيات البارزة.