سجل تاريخ السينما المصرية يحتوي على أسماء فتيات كثيرات دخلن مجال التمثيل السينمائي، لكنهن لم يقدمن سوى عمل وعملين وسرعان ما اختفين فطواهن النسيان ولم يعد أحد يتذكرهن. من هؤلاء سعاد ثروت ابنة العائلة الارستقراطية السكندرية وخريجة المدارس الأجنبية التي عرفها جمهور السينما لأول مرة من خلال الفيلم الدرامي الاستعراضي الجميل «نهارك سعيد» الذي أنتج في عام 1955 وأخرجه فطين عبدالوهاب وعرض في الثاني من يناير من تلك السنة.

في هذا الفيلم، الذي شارك فيه المطرب والملحن السابق لزمنه منير منير وسراج منير وعبدالسلام النابلسي وسعاد مكاوي وميمي شكيب ومختار عثمان وزينات صدقي ومونا فؤاد وشفيق نور الدين والراقصة زينات علوي ورياض القصبجي ونعيمة وصفي وكوثر شفيق ومحمد الديب، حظيت سعاد بتعاطف الجمهور لأنها جسدت دور الفتاة الخرساء «سوزي» التي تعمل في الفرقة المسرحية التابعة لمنير شاكر شاكر شاكر (منير مراد) ابن صاحب مصانع الصابون شاكر شاكر شاكر (سراج منير) والذي يرفض العمل مع والده بعد عودته من دراسته في أوروبا، مفضلاً العمل في الفن. ومن خلال عمل سعاد مع منير يتعلق قلب الأولى بالثاني دون أن تكشف له مشاعره بسبب عاهتها، وتكتفي بإرسال خطابات غرامية له موقعة باسم «سعاد نديم»، إلى أن يكتشف منير أن سعاد نديم هي زميلته سوزي، فيخصص كل ما جمعه من مال من أجل عمله المسرحي للإنفاق على علاجها من عاهتها.

بعد فيلم نهارك سعيد التي كانت بطلته، قبلت سعاد ثروت أن تؤدي دورا هامشيا في فيلم آخر قبل أن تختفي تماما من الوسط الفني. وهذا الفيلم هو الفيلم الكوميدي / ‏الخيالي السخيف «رحلة إلى القمر» الذي أخرجه حمادة عبدالوهاب في سنة 1959 وتم عرضه في دور السينما بتاريخ 27 أبريل من تلك السنة من تمثيل إسماعيل يس ورشدي أباظة وصفية ثروت وأدمون تويما وإبراهيم يونس وجيهان ونيفين. في هذا الفيلم، الذي تدور قصته حول محاولة العالم شارفين (أدمون تويما) الوصول إلى القمر بمركبة فضائية من تصميمه بمرافقة المهندس أحمد رشدي (رشدي أباظة) وزميله الشوفير إسماعيل (إسماعيل يس)، يقابل رشدي بعد هبوط المركبة على سطح القمر شيخًا برفقة ابنته «ستيلا» (صفية ثروت) ويغرم بالفتاة، أدت سعاد دور الفتاة «تولا»، إحدى الفتيات الكثيرات الموجودات هناك برفقة العالم مستر كوزمو (إبراهيم يونس) مخترع الرجل الآلي.

ويعتبر فيلم «رحلة إلى القمر»، الفيلم العربي الوحيد الذي تطرق إلى موضوع الفضاء، ويمكن تصنيفه ضمن أفلام الخيال العلمي المبكرة على المستوى العربي، لكنه على الرغم من هذه الحقيقة فإنه لم ينل الترويج ولم ينتشر بشكل واسع ولم ينجذب له الجمهور كثيرا بسبب سخافة قصته ورداءة حبكته وضعف إخراجه.

بقي أن نعرف أن سعاد ثروت هي أخت الفنانة ورائدة العمل الاجتماعي والرياضية وبطلة مصر في السباحة والتنس والإسكواش «صفية ثروت» الشهيرة بصوفي ثروت والتي عرفها جمهور السينما لأول مرة من خلال فيلم صاحبة الملاليم /‏ 1949 إخراج عزالدين ذوالفقار وبطولة محمد فوزي وكاميليا وشادية، ثم عرفها أكثر بعد ظهورها في الفيلم الخالد بين الأطلال / ‏1959 قصة الأديب يوسف السباعي وإخراج عزالدين ذوالفقار وبطولة فاتن حمامة وعماد حمدي.