عاش زميلي ليلة صعبة قبل خوضه مقابلة وظيفية.
قضى أياما ممضة يفكر ويحضر فيها لهذه المقابلة المفصلية في حياته.
اتصل علي وعلى زملائنا المشتركين مرارا خلال الأيام التي سبقت مقابلته، بحثا عن إجابة ومسكنات تهدئ من ألم الأسئلة التي تقض مضجعه، وتخفف منه.
جاء موعد المقابلة وعقولنا وجوارحنا ودعواتنا ترافق صاحبنا.
انفرجت أساريرنا عندما أخبرنا أن المقابلة سارت على ما يرام، ولكن سرعان ما حاصرنا القلق بعد أن فجعنا بجملته المعهودة "أعرف حظي!"، وهي جملة يعبر من خلالها عن حظه العاثر، الذي يحرمه من الفرص.
كلما حاولنا تحفيزه وبث التفاؤل في نفسه، رمانا بعبارته الشهيرة التي أودت بكل آمالنا، وصرعت أمنياتنا، وقيدت كلماتنا، وحبستها داخل ضلوعنا.
بدد النبأ السعيد كل محاولات صاحبنا، ونال الوظيفة التي كان يمني النفس بها.
حينما فاز بها، شاركنا مخاوفه تجاه رئيسه المرتقب، مرددا مرة أخرى الجملة المريرة "أعرف حظي!".
زرته في مكتبه وصافحت رئيسه، فوجدته مهذبا ولطيفا ومحبا لصاحبنا بشكل يفوق الوصف.
وكلما التقيت بصاحبي كان يصطحب معه عبارته "أعرف حظي!"، رغم كل النجاح الذي يعيشه ويحصده، ويحوزه.
مر أكثر من عشرة أعوام من تلك المقابلة، وصاحبي بتوفيق من الله، يصعد وظيفيا واجتماعيا.
لم يكن للجملة أساس من الصحة. لقد نجح وتطور وارتفع إثر كفاءته وتميزه.
حظه لم يكن سيئا. السيئ هو أنه لم يستمتع بالرحلة. فالمتعة لا تسكن النتيجة فحسب، وإنما في الطريق الطويل، خلال الحصول إليها.
فلم نهدر هذه السعادة بسبب أوهام برعنا في نسجها؟!
اجتهد وثابر وكافح وقاتل، لتحظى بما تستحق.
ليس صاحبي وحده الذي يجب عليه أن يحارب جملة "أعرف حظي"، وإنما نحن أجمعين.
حظي وحظك جميل بتوفيق من الله، متى ما آمنا أن المستقبل مزدحم بالفرص، وأن الغد أجمل.
ازرع "حظي جميل" في رأسك، وانتزع "أعرف حظي"، لتستمتع وتمتع.
الحياة قصيرة فلا تحرقها بالتشاؤم.
التعليقات