الكثيرون من نجوم السينما المصرية توسطوا لدى مخرجي ومنتجي أفلامهم لإلحاق أبنائهم وبناتهم بالمجال الفني. تلك ظاهرة قديمة كانت تحدث في الماضي على استحياء، لكنها تفاقمت في العقود الأخيرة بشكل فاضح. صحيح أن بعض هؤلاء الأبناء كان يملك شيئا من الموهبة والاستعداد للانطلاق نحو الشهرة والنجومية، لكن الصحيح أيضا أن البعض الآخر كان يفتقدهما فلم يستطع المواصلة طويلا واكتشف بعد فترة أن عليه أن يبحث عن مجال آخر. من ضمن الفئة الثانية «إيفون ماضي» التي اعتمدت على شهرة ووساطة والدتها لدخول السينما من أوسع الأبواب، لكنها سرعان ما خرجت منها كما دخلته دون أن تحقق نجاحا يذكر.

والدتها هي الفنانة المصرية المعروفة من أصول لبنانية فاتنة داود سليمان أبوماضي الشهيرة باسم زوزو ماضي (ولدت في مدينة بني سويف بمحافظة المنيا في 14 ديسمبر 1914 وتوفيت في القاهرة في 9 أبريل 1982) التي عرفها جمهور السينما المصرية بتخصصها في أداء أدوار الزوجة الأرستقراطية أو ابنة عائلات الذوات في أفلام الأربعينات والخمسينات والستينات، والتي سجل عنها قولها «ماليش في الأدوار البلدي»، علما بأن والدها تاجر القطن الثري أجبرها وهي صغيرة على الزواج من ابن عمها الذي كانت تكرهه، فأنجبت في سن الخامسة عشرة ابنها أنطون عام 1929 ثم ابنتها إيفون عام 1931، قبل أن تتطلق.

وإذا كان دخول زوزو ماضي للسينما بسبب جمالها وملامحها وثقافتها الأجنبية وعلى يد المخرج محمد كريم الذي قدمها لأول مرة في فيلم «يحيا الحب» عام 1938 لتؤدي دور شقيقة بطل الفيلم الموسيقار محمد عبدالوهاب، فإن خوض ابنتها إيفون لمجال التمثيل كان بسبب وساطتها وعلى يد عميد المسرح العربي الفنان الكبير يوسف بك وهبي الذي اشركها في عام 1949 في فيلم من بطولته واخراجه هو فيلم «بيومي أفندي» الذي شاركت فيه كلا من فاتن حمامة وميمي شكيب وفاخر فاخر وسراج منير وكمال حسين وعبدالوارث عسر ومحمد كامل وفريد شوقي وعبدالمجيد شكري وابراهيم حشمت وحسين عسر وجمالات زايد وامين، وهبة في دور «ألفت» التي ترتبط بعد معاناة بنبيل (فاخر فاخر) ابن الخطيئة من علاقة آثمة بين شوكت بيه (فريد شوقي) وزبيدة (ميمي شكيب).

ويمكن القول إن إيفون ماضي، التي ولدت في عام 1931 بصعيد مصر وتوفيت بالقاهرة في 22 أبريل عام 2007، هي من بين الممثلات القلائل في السينما المصرية اللواتي لم يظهرهن إلا فيلم يتيم. فمن بعد ظهورها في «بيومي أفندي» لم يلتفت إليها المخرجون لإشراكها في أفلامهم لقناعتهم أنها لا تملك أي مواهب. وهي من جانبها أدركت هذه الحقيقة المرة فودعت التمثيل نهائيا إلى مجال آخر عشقته وكانت تمتلك مواهبه بالفعل هو مجال تصميم وتنفيذ الأزياء. ولأن فيلمها الوحيد جعلها معروفة لدى المخرجين والمنتجين فقد أسند هؤلاء إليها تصميم أو تنفيذ الأزياء الخاصة بالعديد من الأفلام السينمائية التي انتجت في عقدي الخمسينات والستينات ومطلع السبعينات. كانت البداية مع تصميم ملابس فيلم بشرة خير في عام 1952 قصة وسيناريو واخراج حسن رمزي وتمثيل شادية وكمال الشناوي وسليمان نجيب وزوزو شكيب واسماعيل يس وعبدالسلام النابلسي واستيفان روستي وسناء جميل وثريا حلمي ولولا عبده وكيتي ونعيمة وصفي. تلى ذلك قيامها بتصميم وتنفيذ ملابس فيلم الحب المكروه في عام 1953 قصية وسيناريو واخراج عبدالله بركات وتمثيل محسن سرحان وعقيلة راتب وحسين رياض وزوزو ماضي ولولا عبده وكيتي وعمر الجيزاوي والطفلة نادية الشناوي.

عدا ما سبق ذكره قامت ايفون بتنفيذ ملابس الأفلام الآتية: بين القصرين/‏1962، صاحب الجلالة/‏1963، أميرة العرب/‏1963، بنت عنتر/‏1964، أمير الدهاء/‏1964، ألف ليلة وليلة/‏1964، أضواء المدينة/‏1972. أما الأفلام التي قامت بتصميم ملابسها دون تنفيذها فهي: شفيقة القبطية/‏1962، رابعة العدوية/‏1963، المماليك/‏1965، عريس بنت الوزير/‏1970، علاوة على فيلم بشرة خير الآنف ذكره.

ومما يذكر عنها أن الأميرة المصرية فائزة فؤاد شقيقة الملك فاروق الأول كانت حريصة على ارتداء ملابس من تصميمها، وكانت تردد افتخارها بارتداء ملابس من القطن المصري ومن تصميم وتنفيذ أيادٍ مصرية، طبقا لما نشرته المجلات المصرية الصادرة في العهد الملكي.

ومما نشر عن سيرتها أنها كانت إبنة عاقة وتعامل والدتها (زوزو ماضي) بقسوة ردا على قيود فرضتها الأخيرة عليها. وبسبب تلك القيود قررت الهرب إلى إيطاليا، حيث عاشت هناك حياة عابثة لبعض الوقت قبل أن تقرر العودة إلى مصر دون أن تتصل بوالدتها، الأمر الذي دفع زوزو ماضي إلى اليأس من ترويضها، وبالتالي الإقدام على محاولة الانتحار بتناول حبوب منومة في مارس 1955، لولا أن خادمها وصديقها المصوّر محمد عز العرب تمكنا من إنقاذها بأعجوبة.