بعد نحو 16 شهراً من تفشي جائحة فيروس «كوفيد 19» المستجد، تطفو على السطح ومن جديد ذات التساؤلات التي واكبت الوباء الفتاك منذ البداية، وفي مقدمها، هل نحن أمام فيروس طبيعي أم مخلَّق؟ ومردُّ علامات الاستفهام الحديثة زمنياً، ظهور معلومات علمية تفيد بإمكانية الحصول على مثل هذا الفيروس في المعامل.
لعل ما تم تداوله الأيام والأسابيع القليلة الماضية في الولايات المتحدة، وبريطانيا خاصة، يفتح الطريق أمام قراءات جديدة للكارثة التي أصابت البشرية، فعلى سبيل المثال أوردت مراكز بحثية أميركية، مثل مركز POLICY PERSPECTIVES FOUNDATION
قراءات تفيد بأن فيروس «كورونا المستجد» هو هجين من تفاعل «كورونا» الوطواط وفيروس الإيدز، وأنه نتاج أبحاث مشتركة بين الصين والولايات المتحدة ممولة من جانب واشنطن منذ العام 2014.
هذا الحديث تردد في بدايات الأزمة، ولم يلقِ كثيرين بالاً له، لكن نجاح عالم الفيروسات السويسري، فولكر تيل، من جامعة برن السويسرية، في إعادة بناء الفيروس التاجي من الحمض النووي في مختبرات عالية الأمان مؤخراً، أمر جعل تصديق فكرة تسرب الفيروس من مختبرات ووهان الصينية، قريباً جداً. وبحسب المجلة العلمية الدولية «نيتشر»، تمكن الباحثون في علم الفيروسات والجراثيم البيطرية، من إدخال نسخ الحمض النووي التي تحتوي على أجزاء من جينوم الفيروس التاجي في الخلايا المهجنة، وتم تجميعها في نسخة كاملة، ثم استخدم الباحثون هذه الآلية لإنتاج فيروس «كورونا».
هل نحن إذن أمام فيروس يعد بمثابة سلاح بيولوجي، تم إنشاؤه وإطلاقه من المختبر، عبر تلاعب جيني؟
رويداً رويداً تظهر أدلة علمية للأصول غير الطبيعية التي نتج الفيروس عنها، تقوم عليها جامعات عدة حول العالم تتوفر لها مصداقية الفرضية بأن الفيروس تم هندسته في المختبرات بسهولة من خلال انتزاع سلسلة من النيوكليوتيدات (الأحرف الأساسية التي تكتب بها الجينات) من تسلسل، وزرعها في تسلسل آخر في وقت لاحق. هل كانت تلك المعلومات هي السبب وراء انتفاضة الولايات المتحدة وبريطانيا مرة جديدة بحثاً عن الطريقة التي تسرب بها الفيروس القاتل.
الأربعاء الماضي، وجّه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن مجمع الاستخبارات الأميركية، والتعبير هنا يفيد بأوامر لنحو 16 وكالة استخبارية أميركية معروفة، ناهيك عما هو خافٍ عن الأعين، بالبحث عميقاً من أجل التوصل إلى حقيقة ما حدث خلال 90 يوماً.
بايدن لم يتحرك في واقع الأمر من فراغ، إذ ظهرت معلومات عبر تقرير استخباري، أشارت إليه صحيفة وول ستريت جورنال، تفيد بأن 3 باحثين في مختبر ووهان قد سعوا للحصول على الرعاية الصحية في مستشفى خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أي قبل الإقرار الرسمي من بكين بوجود المرض وكشف أول حالة.
والشاهد أن رفض الحكومة الصينية المشاركة في تحقيق أجرته منظمة الصحة العالمية حول أصل فيروس «كورونا»، كان من الأسباب الرئيسة التي دفعت الرئيس الأميركي للمطالبة بمراجعة منشأ الوباء، وقد قطع في بيان لاحق له بأنه لا توجد أدلة كافية لاستنتاج ما إذا كان الفيروس ناتجاً عن ملامسة الإنسان لحيوان مصاب أو من حادث مختبري.
أما الدكتور أنتوني فاوتشي، خبير الأوبئة الأول في أميركا، والوجه الأكثر شهرة طوال العام ونصف العام الماضيين، فقد غيّر موقفه 180 درجة، إذ صرح بأن الوباء قد بدأ لأسباب طبيعية، مطالباً بمزيد من التحقيقات في أصل الفيروس.
لم يختلف المشهد في بريطانيا بشكل كبير عن الداخل الأميركي، فقد أوردت «الديلي ميل» البريطانية، تصريحات للبروفسور البريطاني، أنغوس دالغليش، عالم الفيروسات البريطاني، ولنظيره النرويجي، بيرغرسورنسن، أعلنا فيها أنهما عثرا على دليل يثبت الأصل المختبري لفيروس «كورونا»، وقال الخبيران في دراسة لهما إنهما وجدا عدداً من خصائص فيروس «كورونا» يشير إلى وجود تلاعب مستهدف.
لماذا السعي الحثيث من قبل الدوائر الاستخبارية لمعرفة حقيقة ما جرى في الصين؟
الجواب بمباشرة ووضوح، هو أنه إذا لم تتم معرفة حقيقة تطورات الأحداث، وبخاصة مع ما يتكشف يوماً تلو آخر من إمكانية التلاعب الجيني في مثل تلك الفيروسات القاتلة، فإن مستقبل البشرية وأمنها وأمانها سيصبح في مهب الريح، ولا سيما إذا قدر لعلماء أشرار تحويل هبة العلم ونعمته، إلى نقمة على البشرية، وإطلاق مسارات الحرب البيولوجية التي قد لا تبقي ولا تذر، فالأمر لا يحتاج سوى لمختبر واحد، أو سوق واحدة، ينتقل منها الفيروس إلى البشر.
ما الذي ستفعله الأجهزة الاستخبارية الغربية في مواجهة نقص عملائها على الأراضي الصينية؟
يبدو الحل الوحيد متمثلاً فيما يعرف بـ«الإنترنت المظلم»، وهو المكان الوحيد الذي يمكن لمن يعرف حقيقة ما جرى في الصين، أن يشارك معلوماته مع الآخرين، من غير خوف من اكتشاف أمره أو القبض عليه. فهل «كورونا» بداية عالم مخيف غير معروف المخاطر؟