اعتدت على السهر منذ الصغر شغفًا بالقراءة في طفولتي ثم أضفت لها الكتابة بدءا من المراهقة فكملت محبة الليل والسهر حتى صارت عادة فربما أحرقت فحمة الليل كله سهران، أوله أطلع مع الأصدقاء للبر حتى ينتصف الليل تقريبًا ثم نعود: يأوون لمضاجعهم وآوي لكتبي وأوراقي حتى أذان الفجر فأصلي مع الجماعة وأحس بسعادة غريبة مسافة العودة من المسجد للبيت مع نسيم الفجر الجميل.. ثم أنام إلى الظهر!

ولازمتني عادة السهر في السفر حتى مع الأصدقاء، شعاري (كل واحد يأخذ راحته) واستمر الحال على هذا الموال إلى أن صرت أسافر مع مجموعة كبيرة من الزملاء فيهم، -ما شاء الله-، نشاط عجيب، فغيروا عادتي بشكل سريع! كانوا يفطرون باكرًا جنب غرفتي ومع أحدهم (نجر صغير) يسحق فيه البن وأحيانًا الزنجبيل! صوته (يقوّم اللي نومه ثقيل!) فكنت أقوم متأففاً واحتج فلا ينفع وقلت سآخذ الغرفة البعيدة قالوا نلحقك وندق المهباش! خلك تمتع بالصباح! قم معنا ونم معنا! قلت هذي رحلة جهاد لا استمتاع قالوا جرّب ثلاثة أيام غيّر واكسر الروتين وتذوق لذة الصباح، جربت بصعوبة أول الأيام ثم وجدت متعة في إشراقة الصباح وجمعة الإفطار الذي جعلني أخفف من الأكل في الليل أيضًا واستمتع بالتجول في المدن ورؤيتها وهي تستيقظ وتنتعش وبعثت فيّ الشمس حيوية لم أكن أعهدها، وصار الوقت أكثر بركة، وإنجاز الأمور أسهل، وأخذ قيلولة خفيفة في الظهيرة يجدد النشاط ولا يمنع من النوم منتصف الليل والنهوض مع الطيور!

لقد كان (لدق المهباش) أثر أساسي في التغيير وكسر الروتين وثبت لي أن أجراس التنبيه قادرة على منحك التجديد والقفز نحو الأجمل سواءً تم ذلك إجبارًا فجعل السلوك يتجدد ويؤثر في الشعور رضًا وقناعة، أو اختيارًا يجعل الشعور نفسه يجدد السلوك، وأن صحبة ذوي التصرف الحسن المغاير لعاداتنا يمنحنا مساحةً جميلة ومسافةً جديدة تزيل الغبار التراكمي نتيجة العادات القديمة..

مهما كان عمرك تستطيع تغيير عاداتك نحو الأفضل إذا عزمت وجربت خاصةً إذا وجدت الدعم والتأييد!

لا تصدق قولهم (القطو الكبير ما يربّى)!