أعرف شخصا يسألني فور أن أشتري شيئا، سؤالا لا يتغير ولا يصدأ: بكم اشتريته؟ وإجابته هي كما هي كصخرة صامدة تقاوم كل رياح التغيير والزمن: يا ليتك قلت لي. أعرف مكانا يبيع هذه السلعة بسعر أرخص.
في كل مرة أقطع عهدا على نفسي ألا أرد عليه، ولكن أجدني أكرر الخطأ ذاته، بعد أن يقذفني بالإجابة ذاتها التي تجعلني أندم على قراري.
دعانا أحد أصدقائنا إلى مأدبة عشاء بمناسبة شرائه منزلا جديدا أخيرا.
وبعد أن تناولنا العشاء وقبل أن نتذوق "الحلى"، انقض علينا أخونا بسؤاله التقليدي: بكم اشتريت منزلك؟!
ثم عقب على إجابة مضيفنا بتعليقه الكلاسيكي: يا ليتك قلت لي. أحد المعارف عرض علي منزلا بمواصفات منزلك ذاتها، وفي الحي نفسه بسعر أرخص، لكن بارك الله لك في منزلك!
حاول مضيفنا أن يخفي امتعاضه دون أن يستطيع. اتضح من ملامحه وتصرفاته عدم ارتياحه.
خيم التوتر على المكان فاضطررنا لأن نخرج سريعا، قبل أن نتناول الحلى، أو حتى الأحاديث التي كنا متحمسين لها في إجازة نهاية أسبوع، تم اغتيالها إثر سؤال سقيم.
أستغرب جدا من هذا الشخص وأشباهه من هؤلاء الأشخاص الذين يطلقون أسئلة غير مناسبة، بغير حاجة وبلا جدوى.
ضع نفسك محله أو محلها، قبل أن تطعنه بخنجر ذلك السؤال، فلا تخرجه من غمده، حتى لا تتطاير دماء الانزعاج والضيق.
أعلم أن نيات البعض طيبة، لكن النيات الطيبة غير كافية.
احتفظ بأسئلتك في داخلك.. وفرها لك وليس للآخرين.
احذر أن تجعل الآخرين يندمون بسبب أنهم قالوا لك شيئا.
اجعلهم يسعدون بأنهم شاركوك فرحتهم وسعادتهم.
أحيانا كثيرة يكون الصمت أهم من الكلام.
ثمة كلمات تؤزمنا لأننا نثرناها، وتمنينا أننا لم نتفوه بها.
كن مصدرا للتشجيع والتحفيز. فهناك كثير في الجوار مما يجعلنا نحبط ونزعل.
تذكر أنه ليس بعض المنتجات رخيصة، وإنما بعض الأسئلة كذلك.