المحور الثالث في كتاب سوسيولوجيا أزمة كورونا في المجتمع السعودي، يظهر المجتمع السعودي دائماً استعداده وجاهزيته في تقديم الخدمات الإنسانية والتطوعية والتكافلية متى ما دعت الحاجة، فالعمل التطوعي لدى أبناء هذا الوطن يأتي امتداداً لموروث عميق من الثقافة الإسلامية والأخلاقيات المجتمعية المتوارثة والتي تجذّرت في نفوسه، وفي هذه الظروف الاستثنائية والطارئة التي تشهدها البلاد والعالم أجمع، ودعماً للجهود الوطنية لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، تم تأسيس منصة التطوع الصحي في وزارة الصحة كإحدى مبادرات برنامج المشاركة المجتمعية، التي تم إطلاقها استنادًا إلى الأمر السامي القاضي بتشكيل لجنة تنفيذ خطة التطوع لمواجهة جائحة فيروس (كورونا) المستجد بتكامل عدد من الأجهزة الحكومية.

ولأن التطوع جزء من مسؤوليتنا تجاه الوطن تبادرت العديد من الجهود الفردية والمؤسسية خلال الأزمة للتخفيف من تبعاتها، وقد تم اختيار أبرز تلك المبادرات التطوعية التي نفخر بها وتحليلها من وجهات نظر علماء الاجتماع.

المحور الرابع من الكتاب يدور حول الشائعات وكيف ساهمت هذه الظاهرة الاجتماعية القديمة قدم المجتمعات الإنسانية في زيادة تفشي وباء كورونا المستجد، فمنذ تفشي هذا الوباء شهدت كافة المجتمعات رواجاً ملحوظاً في نشر وتداول الشائعات وقد شكلت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لذلك فيما احتوى المحور على تحليل اجتماعي لأهم الشائعات المتداولة خلال فترة تفشي الوباء، وقد عمل مروجو الشائعات خلال أزمة تفشي الوباء على استغلال عوامل عدة منها: عدم توفر المعلومات الكافية بالإضافة لعدم توفر علاج أو لقاح لهذا الوباء، الخوف والجهل، الاهتمام العالمي الذي يحظى به وباء كورونا المستجد وغيرها من العوامل التي ساعدت مروجي الشائعات في الترويج لشائعاتهم، وجعلها قابلة للتصديق خاصة إذا تم خلط هذه الشائعات بالقليل من الحقائق والمعلومات الصحيحة.

وتكمن خطورة الشائعات في أنها تساهم في اتخاذ قرارات فردية أو مجتمعية خاطئة، هذا فضلاً عن إثارتها لمشاعر الرعب والخوف لدى الأفراد وتقويض الجهود المحلية والعالمية الرامية إلى مكافحة تفشي وباء كورونا المستجد.

وفي المحور الخامس والأخير؛ تطرق إلى أن المجتمع السعودي كجزء من العالم، طرأ عليه بسبب جائحة كورونا (كوفيد - 19) جملة من التحولات والتبادلات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية والصحية والتقنية وغيرها، لذلك تم التركيز في هذا المحور على التحليل السوسيولوجي للرابط بين هذه التغيرات وعلاقتها بحدوث العنف والجريمة، كظاهرة تهدد كيان واستقرار المجتمع وتضر بأفراده.

ونظرا لأهمية الأسرة كونها المؤسسة الاجتماعية الأولى، تم التطرق إلى تحليل أثر هذه التغيرات والتحولات التي سببتها أزمة كورونا على الأسرة السعودية ومدى علاقتها بازدياد ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال والمراهقين وكبار السن، كذلك تم التطرق إلى التجاوزات والاعتداءات على رجال الأمن التي ازدادت تزامنا مع أوامر حظر التجول، وقد شكلت عوامل عدة كانتشار الشائعات والمعلومات المضللة حول هذا الوباء ظهور سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين، كمحاولة إقصاء ونبذ المصابين أو العاملين بالمجالات الصحية، خوفا من الإصابة بالمرض ويعد هذا أحد نماذج الوصم الاجتماعي. وتم تحليل المحور اعتمادا على العديد من النظريات الاجتماعية، وطرح آراء العديد من المتخصصين، وإلقاء الضوء على بعض العينات والحوادث التي وقعت بالمجتمع أثناء الجائحة.

وأخيراً.. ما زالت المكتبة العربية تحتاج للمزيد من الدراسات العلمية التي تأصل للمرحلة وتدرس كافة جوانبها، وذلك لتحليلها والاستفادة المستقبلية منها، ولمعرفة نماذج إدارة الأزمات، ونقل الخبرات للأجيال التالية، بالإضافة لتقديم نموذج سعودي مميز لتجربة عصفت بالعالم أجمع.