لم يشهد العالم العربي منذ زمان بعيد هذه الصحوة، التي وقفت فيها الحكومات العربية مع مصر في قضيّة «سد النهضة» وأزمة المياه بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.
لقد كانت الدول العربية تعيش فترة عصيبة من الانقسامات، وتحوَّلت مواقف الدول إلي جزر متعارضة، حيث لم تتفق على شيء، ابتداء باحتلال العراق، وانتهاء بما أصاب سوريا ولبنان وليبيا، لذا كان اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة حدثاً فريداً بكل المقاييس، وكانت له أصداء عالمية في قضية تهدد أمن مصر والسودان.
ولأوَّل مرة منذ سنوات نجحت جامعة الدول العربية، وأمينها العام أحمد أبوالغيط، في إصدار بيان أعاد للدول العربية مصداقيتها أمام العالم.
لقد أعادت وحدة الصف العربي في قضية سد النهضة تاريخاً وذكريات بعيدة عن لحظات مضيئة في حياة هذه الأمة، وكان موقف الوفود العربية في اجتماع مجلس الأمن إنجازاً حقيقيّاً في دعم موقف مصر والسودان أمام العالم.
على خلفية ذلك هناك أسئلة تطرح اليوم بعد هذه الوقفة من الحكومات العربية، منها: إذا كان توحيد المواقف ممكناً، فلماذا تخلينا عن قضايانا وبدت صورتنا أمام العالم شيئاً غريباً مشوهاً؟، وإذا كانت جامعة الدول العربية قد نجحت في توحيد الصف في مؤتمر الدوحة ومجلس الأمن فأين هي من الكوارث التي لحقت بدول عربية كثيرة؟، وأين هي من الانقسامات في الشارع العربي بل أين هي من الحروب الأهلية والدمار الذي لحق بالعواصم العربية؟، وأين كانت الحكومات العربية من المؤامرات التي تحيط بنا من كل جانب.
لقد انزعجت إثيوبيا من مواقف الدول العربية، وحاولت أن تحول القضية إلى صراع عربي ـ أفريقي، لكنها لم تنجح، ولا شك أن موقف الدول العربية بجانب مصر والسودان قد غير حسابات كثيرة، وأعطى جامعة الدول العربية فرصة أن توحد الصف العربي مرة أخرى.
المهم الآن أن ينتهز العرب هذه الفرصة، وتكون بداية لجمع الشمل ومواجهة ما يهدد شعوبنا من الأزمات، ففي يوم من الأيام توحدت الشعوب العربية على قضايا واحدة، وربما تكون أزمة سد النهضة بداية لكي نرى أمة موحدة، لأن أخطر ما نواجه الآن هو محنة الانقسامات والصراعات بين أبناء الشعب الواحد.
والملاحظ أن هناك مشروعات مشبوهة لتقسيم العالم العربي، وإذا لم تتوحد كلمتنا فسوف يعيد التاريخ صور الماضي الكئيب، وهي ليست بعيدة، وبقدر النجاحات التي تحقق الآن، بقدر ما نتمنَّى أن يكون ذلك بداية عصر جديد لأمة عربية موحدة.
التعليقات