أما وقد تداعت وفشلت تجارب الإسلام السياسي الراديكالي في الحكم استثمروا فيها واستغلوا يافطة «الإسلام» للوصول لمقاليد الحكم، فهل تقتنع الإدارات الأمريكية بأن مشروع مفكرهم الاستراتيجي «بريجنسكي» قد أثبتت التجارب العملية خطأ وخطيئة نظريته التي اعتمدها مطلع ثمانينات القرن الماضي في التعاون وفي تسهيل وتخطيط وصولهم لحكم بلدانهم ليضرب بهم المدنيين والديمقراطيين واليسار قبل أن ينتهي ويغادر المشهد.

بريجنسكي خطط والإدارات الأمريكية اقتنعت وشخصيات عربية وغير عربية تعاونت وتفاهمت ونسقت اجتماعات ولقاءات «الدكتور سعد الدين إبراهيم» مجرد مثال لا أكثر.

وبعد ما سمي بالربيع العربي صعدت تيارات راديكالية إسلامية سياسية إلى سدة رئاسات الوزارات في بلادها وبعضهم ربما وصل إلى رئاسة الوزارات قبل ذلك «الربيع المشئوم».

تجربتهم تتحدث عن نفسها في مصر وتونس والجزائر وليبيا وفي دول عربية أخرى، والجماهير التي اوصلتهم هي التي صدمت بهم فأسقطتهم إما بالاحتجاجات الشعبية الواسعة أو عن صناديق الانتخابات بـ«حزب العدالة والتنمية المغربي» الذي جاء في ذيل القائمة بنتائج الانتخابات نهاية الأسبوع الماضي.

البكاء على الحليب المسكوب طبيعة عربية سيكيولوجية والتلويح بورقة المؤامرة أسلوب من أساليب الهروب عن مواجهة الذات ومواجهة التجربة ومساءلة أخطائها وكبواتها وكوارثها وعقباتها، والعقوبة الخروج الشعبي ضدها.

حتى الخروج الشعبي يؤول ويفسر خارج دلالته ومغزاه ومعناه، لذلك لم تستفد جميع أحزابنا العربية بكل أشكال وتلاوين إيديولوجياتها وعقائدها وأفكارها من أخطائها فصارت مع الوقت جزءًا من كارثة داخلية خاصة بها.

اختلفت النهايات وتباينت لكنها نهايات هربت عن مواجهة الذات ولم يستذكروا أو يستحضروا قوله تعالى «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ» صدق الله العظيم، وهي حكمة حفظناها لكننا لم نستوعبها ولم نتمثلها على كل صعيد يرفع شعارًا أو يقدم وعدًا، ثم يغلق الطريق من بعده ويندس بعيدًا عن وعوده.

وينسى في نشوة الفوز إن الغُنم غرم، وإن الوقت مهما طال يطول في الملعب السياسي الماكر.

التمسكن حتى التمكن ليس شطارةً وليس سياسة ولكنه حيلة وإغواء، وتغيب عن صاحبها غواية المنصب والنفوذ، فلا يسمح لأحدٍ ولا يرى أحدًا، ثم يكون ما كان في التجارب المشار إليها اليوم.

صحيح إن طالبان عادت لكنها عودة ضمن صفقة غامضة ملتبسة مازالت تفاصيلها مجهولة، وسوق الصفقات السياسية ليس متشابهًا، ولا يمكن قياسه بمسطرة واحدة، فطبيعة صفقة طالبان الغامضة طبيعة أفغانستان جبال وكهوف ومخابئ ووديان وتلال ورمال ونساء سجلن احتجاجاتهن قبل الرجال، فهناك ليس هنا والتجارب شاهدة.

وثالثة الأثافي لا تحفظ القدر من السقوط دائمًا فهو حين يفوز ينزلق قدر تجارب الإسلام السياسي الراديكالي وانزلاقه بلا حدود.

لسنا في وارد أن نضرب الرمل ولا نفتح للتنجيم طريقًا، فقد كذب المنجمون ولو صدقوا، لكننا نقرأ وقائع وحقائق، وبين موجات السياسة والسياسيين تنتصب صخرة الواقع فلا تقفزها الموجات ولكنها تتكسر عليها وتتشظى وتتطاير في كل الجهات وليس كل الجهات تقبل وتتقبل بقايا تجارب تداعت أو فشلت... فهل من معتبر؟؟!!