ليس مستغرباً أن تتحول الكويت إلى موطن الشعارات الورقية والصوتية، فالحكومة الرابعة للشيخ صباح الخالد هي جزء من سلسلة الحكومة الممتدة منذ عقود من الزمن.. حكومة تحتضن ذات التناقض والتنافر والأوهام والإخفاق لأنها ببساطة لا تملك القرار!

سياسياً ودستورياً، لا يمكن للتفاؤل أن يسري في عروق المواطن، فقد تم وأد فرح الصغار وجعله همّ الكبار.. وتدمير تاريخ ديموقراطي حين توهم الشيخ صباح الخالد تحصين نفسه من الاستجوابات الدستورية المستحقة في الحكومة الثالثة و«المزمع» منها خاصة!

لم يعد للقراءة التحليلية للمشهد الحكومي الرابع المختلف بأسمائه وأشكاله لا أكثر، معنى أو مكاناً في التطورات السياسية الراهنة.. وقع الشيخ صباح الخالد للمرة الرابعة في فخ رغبات الغير من أطراف متنفذة ومهيمنة على القرار الحكومي المترنح أساساً!

لسنا نهرول نحو التشاؤم، بل إننا نسعى إلى بث التفاؤل في روح الجميع.. إلا أن صباح الخالد، رئيس الوزراء، امتثل طوعاً لرغبات غير ملائمة وهو ما يجعلنا مطوقين بالتشاؤم في حكومته الرابعة.. ولادة حكومة عليلة لا تختلف عن الأولى!

أخطأ صباح الخالد خطأً جسيماً، وهي - بتقديري - مقامرة بمستقبل الدولة، حين جرى الالتفات عن دروس الماضي والقبول في توزير أكثر من نائب ليصل العدد إلى أربعة.. خطأ شارك فيه النواب الجدد الذين وافقوا على التضامن مع رئيس حكومة بدعة «المزمع».

لم يتعلم الشيخ صباح الخالد من درس حكومة 1992 بعد دخول ستة نواب في الحكومة، ولا مما سطره بقلمه وقاله بلسانه مراراً وتكراراً الأخ الفاضل مشاري العنجري، نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق.

جدد النائب السابق مشاري العنجري التأكيد في حوار مهم ومثمر بيننا في شهر نوفمبر 2021 على موقفه وتحليله للفشل البرلماني، حول تجربة حكومة 1992 التي شارك فيها شخصياً مع آخرين، مشدداً على ضرورة المشاركة الوزارية بالحد الأدنى من النواب.

إن مشاركة أكثر من نائب في الحكومة «يفرغ أداء مجلس الأمة ويؤثر في التعاون المنشود بين السلطتين ويجعل النائب الوزير مديناً لناخبيه، ما يخل في تكافؤ الفرص والمساواة».

عبء حكومي وتحد سياسي جديد أضافه لرصيده الوزاري الشيخ صباح الخالد وهو من أخفق في ثلاث حكومات.. لكنه يبدو جلياً أنه لم يتقن الدروس جيداً، وبلا شك أن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت القاتلة سياسياً لرئيس الحكومة والنواب الوزراء أيضاً.

عبث سياسي تئن منه اليوم الكويت بسبب أوهام نيابية أنانية للبعض، دافعها التكسب الشخصي رغم الأزمة السياسية التي تبلورت منذ 15 ديسمبر 2020 عبر تصدير أهداف سياسية واهمة.

ثمن باهظ سيقتلع النواب الوزراء الجدد الذين لم يثبتوا على موقف ومبدأ واحد ودخلوا الحكومة عنوة.. ثمن بانتظار هؤلاء وغيرهم في صناديق الانتخابات حين يقول المواطن الكويتي مجدداً رأيه كما قاله في 5 ديسمبر 2020.

من المحزن أن تتحول الكويت، ذات النظام الديموقراطي الدستوري إلى موطن الشعارات الواهمة برلمانياً وحكومياً، دون الثبات على المبادئ ولا التصدي الشعبي لهذا العبث الحكومي - النيابي!