في ورقة بحثية نُشرت في مارس 2021 وتم تداولها على نطاق واسع، وهي صادرة عن مؤتمر ميونيخ للأمن ومبادرة التهديد النووي، تحدَّث معدو هذه الورقة عن سيناريو محتمل لانتشار جدري القرود حول العالَم، وافترضت الدراسة التي طرحت في المؤتمر بداية انتشار المرض يوم 15 مايو 2022، (بدأ الانتشار الفعلي في 14 مايو الحالي)، وأن يعم في 83 دولةً ثم ينتهي في أواخر عام 2023، بعد أن يصيب 3.2 مليار إنسان، ويقتل 271 مليون شخص.
ليس المهم أن نبحث عن الأسباب التي استندت عليها الدراسة، فذلك هدر للوقت لن يفضي إلى نتيجة علمية دقيقة حتى بين أوساط العلماء والباحثين أنفسهم، فكل الأسباب في الوقت الحالي تشير إلى احتمالات وافتراضات لا أكثر. ويتوقع البحث المنشور تحت عنوان «تعزيز النظم العالمية للوقاية والاستجابة إلى التهديدات البيولوجية عالية النتائج» أن تكون الكارثة ناجمةً عن سوء استخدام (متعمَّد) لأدوات البيولوجيا الحديثة، أو عبر حادث داخل معمل، أي انفجار بيولوجي، أو أن يحدث التفشي الأول نتيجة هجوم إرهابي باستخدام مواد تمت هندستها في مختبر مع عدم كفاية أحكام السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي، مع احتمالات التفشي إلى أكثر من 3 مليارات إصابة، و271 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم.
وانحسر مرض الجدري عالمياً منذ عام 1980 وانحسر معه رعب هذا المرض الخطير، وكان قد كشف في عام 1958 بالمعهد الحكومي للأمصال في كوبنهاغن بالدانمرك عن فيروس جدري القرود أثناء تجارب مخبرية تتحرى عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري، وكانت تطبق على القرود ولم يتجاوز انتقالها حيوانات القرود. لكن ما يحدث اليوم من بداية اندلاع موجة جديدة من هذا النوع من الجدري إنما هو معضلة صحية بشرية، كون الفيروس ينتقل لأول مرة من الحيوانات إلى البشر دون التواجد في أماكن انتشارها. وينجم المرض أيضاً عن انتقاله من إنسان إلى آخر عن طريق الإفرازات أو الملامسة والتقارب الجسدي وعبر رذاذ متطاير من الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى لمس الجروح والتقرحات الجلدية والأشياء الملوثة بالفيروس بشكل مباشر، وهذا ما أثبتته وشددت عليه المنظمات الصحية حول العالم.
وحسب بروتوكولات الوباء، فإن فترة حضانة المرض تتراوح بين 7 أيام و14 يوماً، وقد تمتد إلى 21 يوماً. وفترة العدوى تبدأ بعد ظهور الطفح الجلدي والذي يظهر عادة بعد حوالي ثلاثة أيام من الإصابة بالحمى، وقد تصاحب المرض أعراض أخرى كتضخم في الغدد اللمفاوية.
كل يوم يمر توافينا الأخبار باتساع نطاق انتشار الفيروس المسبب لجدري القرود وازدياد حالات الإصابات المؤكدة حول العالم، والتي بلغت حتى الآن 131 حالة إلى جانب 106 حالات أخرى مشتبه فيها منذ الإبلاغ عن أول إصابة بالمرض، في الوقت الذي تجري فيه بعض الشركات الطبية اختبارات سريرية للقاح ناجع يحد من تفاقم المرض وانتشاره، في الوقت لم يتعافَ فيه العالَم بعدْ من وباء كوفيد-19 الذي انتشر وبلغ عدد الإصابات به خلال عامين حوالي 527 مليون حالة حول العالم. أما عدد الوفيات فبلغ حتى الآن 6 ملايين حالة.

ويبقى السؤال الملح اليوم، مع ازدياد مخاوف من الفيروس الجديد: هل من الممكن أن يتحول فيروس جدري القرود إلى جائحة مثلما حدث مع فيروس كورونا؟!