طلب الرزق والسعي وراءه أمر فطر عليه الناس ولا غرابة في ذلك فبالرزق يحيا الإنسان، ومن خلال امتلاكه يستطيع تحقيق رغباته وليس في ذلك مثلبة على الإطلاق. بل إن الإسلام يحث على طلب الرزق الحلال والسعي لاكتسابه. يقول الحق سبحانه وتعالى "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" الآية وقد ورد لفظ الرزق في القرآن الكريم 123 مرة.
ابن منظور في لسان العرب يعرف الرزق بأنه ما تقوم به حياة كل كائن حي ماديا كان أو معنويا. لا شك أن الله سبحانه هو الرزاق يعطي الرزق من يشاء ويمنعه عمن يشاء بمقتضى علمه وحكمته "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين". "وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون". لكن ينبغي للإنسان ألا يركن للراحة إن علم أن رزقه متحقق بوعد الله، بل يجب عليه أن يكون متوكلا لا متواكلا. يبقى السؤال هو: ما طبيعة الرزق الذي يطلبه الإنسان؟ من اللافت أن كثيرا من الناس يحصر مفهوم الرزق بمعناه المادي فحسب، أي: بما يملكه من أموال أو عقارات أو ثروات وهذا مفهوم قاصر خاطئ لأن مفهوم الرزق أشمل من ذلك بكثير فهو يشمل جميع جوانب حياة الإنسان فالتوحيد والإيمان رزق والصحة والعافية رزق والزوج الصالح والزوجة الصالحة رزق وانشراح الصدر رزق ومحبة الناس وتقديرهم للإنسان رزق، والوطن الآمن المطمئن رزق. رزق أن تنام قرير العين لا يطرق بابك ديان ولا يسهر عينك أرق ولا ألم. هذه مجرد نماذج وإلا فإن الحصر يستعصي.
للرزق نصيبه من الشعر فهذا شاعر يؤكد أن الرزق مقسوم ولا علاقة له بالذكاء فالجاهل يرزق والضعيف يرزق، بل حتى البهائم ترزق.
لو كانت الأرزاق تجري على الحجا
لهلكن إذن من جهلهن البهائم
ومن الملاحظ أنه رغم أن الإنسان يبذل قصارى جهده إلا أن الرزق قد لا يتحقق له.
أغرب خلف الرزق وهو مشرق
وأقسم لو شرقت راح يغرب
هناك أمور تعد جالبة للرزق من أهمها الصدقة وكذلك صلة الرحم. ولا شك أن ما للإنسان من ماله إلا ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فأمضى وما عدا ذلك فرقم بنكي ليس إلا.