مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عام 2021 التي حملت عبارة «أجمل شتاء في العالم» أحدثت تغيراً كبيراً للنظرة القاصرة عن طقس منطقتنا، مؤكداً بذلك الطرح الفكرة الأساسية لدولة الإمارات منذ تأسيسها وهي: الإبداع والتميز، في الوقت الذي يرفع فيه الآخرون راية اليأس، إلى أن تصبح تجربتها مصدر إلهام ونموذجاً.

لا يمكن لأحد إنكار أهمية الطقس والطبيعة الجغرافية كونها عوامل رئيسية للجذب السياحي، لكن في المقابل علينا ألا أننسى أن السياحة حالها لا يختلف عن غيرها من التجارب التنموية، التي أبدع الإنسان في صناعتها، ويمكن صنعها باستخدام العقل والتفكير. ولتقريب الفكرة أكثر، مثلما هناك موارد طبيعية ومالية في كثير من دول العالم، إلا أن سوء إدارتها جعلت منها تبدو وكأنها فقيرة، وربما معدمة، ونجد هناك دولاً أجادت توظيف الثروة باستخدام العقل، للنهوض بمجتمعها وإنسانها، فصارت تنافس الدول المتقدمة، بل وسبقتهم في مجالات معينة صنعت لها «ماركة» تنموية، ولا يوجد مثال على ذلك أفضل عن دولة الإمارات.

السياحة باعتبارها أحد روافد الدخل القومي للعديد من دول العالم، حالها كحال باقي السلع التجارية «صناعة»، وما تحتاج إليه هو طريقة تفكير مختلفة لخلق «ماركة سياحية»، وهذا ما حملته مبادرة شتاء الإمارات «أجمل شتاء في العالم»، بل إن الكثير من الدول نجحت في تغيير صورتها المطبوعة عند الناس، من خلال إعادة صناعة وعي الرأي العام العالمي عنها، فتركيا وجورجيا مثلاً تحولتا أخيراً لتكونا من بلدان السياحة العائلية، وأصبحت من المقاصد السياحة الخليجية، خلال فترة الصيف، ووفرت لهم الأسباب المادية والترفيهية لجذب السائح الخليجي إليها.

وتشتغل العديد من دول العالم على تفاصيل دقيقة في صناعة السياحة فيها، ويصل أحياناً لأن تخلق تخصصاً سياحياً يتعلق في أذهان الناس عندما يأتي ذكر اسمها، فمثلاً عندما يأتي ذكر فرنسا الجميع يتذكر المتاحف وبرج إيفل، أما بريطانيا فحديقة الهايد بارك وأجور رود أو ما يعرف بـ«شارع العرب»، وعن شرق آسيا الرحلات البحرية والاستجمام، وعن أفريقيا فالحديث عن رحلات سفاري.

لا جدال في أن دولة الإمارات دولة سياحية وقبلة للزوار خلال العام، وفيها الكثير من الأفكار والمبادرات، التي تلهم الدول الأخرى في هذا الجانب، وغيره من الجوانب التنموية. ولا جدال أيضاً في أنها تهتم بهذا الجانب، ضمن خطتها الاستراتيجية لتنويع مصادر دخلها القومي، بجانب العديد من المشروعات الوطنية الكبرى، إلا أن القصد مناقشتنا للمبادرة من نقطتين اثنتين هما: النقطة الأولى: أن المبادرة تعكس نهج دولة الإمارات في صناعة قصتها التنموية المختلفة، التي ترتكز على عدم الاعتراف بـ«المستحيل» فكل شيء قابل للحدوث طالما وجدت الإرادة والتفكير السليم، والوصول إلى الفضاء خير مثال.

النقطة الثانية: أن الإمارات تعيد صياغة الوعي العالمي حول هذه المنطقة «منطقة الشرق الأوسط» المهمة في الحضارة الإنسانية، وتحاول الإمارات تغيير الصورة النمطية المغلوطة عنها، والتي كونتها أفكار أشخاص لهم أهدافهم الاقتصادية والسياسية الخاصة.

علينا- أبناء المنطقة- تقديم منطقتنا، بما يتناسب والمكانة التي وصلت إليها، وبما يليق ودورها التاريخي في الحضارة الإنسانية، وفي الازدهار والاستقرار العالمي.