أجمل الفعاليات هي تلك التي تشعرك وكأن المكان مفعم بالحيوية والطاقة، وأن الناس من حولك وكأنهم في بداية خط سباق ينتظرون صافرة الانطلاق، وتذكرك وسط مشاغلك أن كل شيء في الحياة خلقه الله تعالى جميل ورائع بالفعل، وأن والتحدي والتنافس هو سر السعادة على طول الطريق مهما كانت المحطة النهائية المنتظرة.

هذه الأفكار والمشاعر كانت تخالطني عندما حضرت فعالية إعلان كل من الاتحاد الدولي للألعاب المائية واللجنة الأولمبية البحرينية عن إنشاء مركز دولي للتميز ومكتب إقليمي للألعاب المائية في مملكة البحرين، بالتعاون مع مجموعة جي إف إتش المالية والاتحاد البحريني للسباحة.

الفعالية جرت بمباركة وحضور السباح الأول، سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، والذي أحمل لسموه في ذاكرتي الكثير من الإنجازات، ربما في مقدمتها تمكنه من السباحة من المملكة العربية السعودية لمملكة البحرين، واستقباله من قبل والده حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم استقبال الأبطال، الاستقبال الذي يستحق.

ولمن لم يعرف سابقًا عن الموضوع، يسعدني أن أوضح أن البحرين ستشهد بعد 18 شهرًا من الآن إنشاء مركز دولي للتميز ومكتب إقليمي للألعاب المائية بجامعة البحرين للتكنولوجيا يحتوي على حوضين أولمبيين للسباحة و150 غرفة للاعبين مع جميع المرافق لتطوير ألعاب السباحة والسباحة في المياه المفتوحة وكرة الماء، والغطس، والغطس من المرتفعات (30 مترًا) والرقص الإيقاعي، وسيتم استخدام المركز لبطولات الاتحاد الدولي للألعاب المائية سنويا، حيث يتسع لـ 1800 شخص، ويضم مركزًا طبيًا رياضيًا بإشراف فنيين من الاتحاد الدولي، كما سيتم تعيين جميع المدربين الذين سيشرفون على التدريب في المركز من قبل الاتحاد الدولي للألعاب المائية.

في الواقع، وكرجل أعمال يبحث عن التميز والابتكار في المشروعات، أنظر بعين الفخر والغبطة لمن فكر وخطط وقرر إقامة هذا المركز النوعي في مملكة البحرين، لأنني أدرك تمامًا أن هذا المركز سيحول المملكة وجهة لكل الهواة والمحترفين في مجال الألعاب والرياضات المائية من حول العالم، وسيكون بمثابة مدرسة لإعداد الأبطال في هذا الألعاب.

كم سنشعر بالسعادة عندما نرى الناشئة والطلاب من البحرين والمنطقة والعالم ينتسبون لهذا المركز ويمضون فيه أيامًا وسنين يتعلمون ويتدربون، وكم سنشعر بالفخر عندما نرى بطلاً رياضيًا من مصر مثلاً أو إيطاليا أو استراليا أو الولايات المتحدة يعتلي منصة التتويج ويتحدث للإعلام بأنه خريج هذا المركز النوعي في البحرين.

أود أن أهنئ مجموعة «جي إف إتش» والأخ هشام الريس الرئيس التنفيذي للمجموعة على هذا الاستثمار الذكي الرائع، والذي يضاف إلى استثمارات المجموعة في التعليم، ليس في المدارس والجامعات فقط، بل في كل البنية التحتية والمرافق ذات الصلة بالعملية التعليمية والأكاديمية في مختلف مراحلها، بما في ذلك المدارس والجامعات وسكن الطلاب وغيرها.

والآن تطلق المجموعة هذا الاستثمار الذي يجمع بين التعليم والرياضية، ومن البديهي التأكيد على أن العقل السليم في الجسم السليم، والعكس صحيح، لذلك عندما ننجح في الجمع بين جامعة أكاديمية ومركز رياضي في مكان واحد، يعني أننا ضمنا مخرجات متميزة دراسيًا وفكريًا وجسديًا وصحيًا.

الصديق والأخ العزيز حسين المسلم رئيس الاتحاد الدولي للألعاب المائية مثال آخر على مناصرة التحدي والتفوق، وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز، وأنا أتابع مسيرة عطاء هذا الرجل الذي تربطني به علاقة تمتد لسنوات طويلة، وأرى فيه نموذجا يحتذى لكل إنسان يريد بناء ذاته وخدمة مجتمعه والإنسانية جمعاء.

أنا أرى الأثر الكبير لمركز الألعاب المائية في مملكة البحرين من عدد من الزوايا، ربما يكون من أهمها تطوير رأس المال البشري في البحرين، لكن كيف ذلك؟

اسمحوا لي أن أقول لكم إنه أصبح لدى دول صغيرة نسبيًا مثل كرواتيا أو بلجيكا فرق كرة قدم تنافس على أعلى المستويات (كرواتيا حلت ثالثًا في مونديال 2022، ولعبت النهائي ضد فرنسا في مونديال 2018)، وعندما تدقق في مسيرة اللاعبين تجد أن هذه الإنجازات لم تحدث صدقة، أو بين ليلة وضحاها، وإنما كانت ثمار رحلة طويلة من التدريب والتأهيل.

الأجمل من ذلك أنك عندما تفتش في خلفيات بعض لاعبي كرة القدم في تلك الدول الأوربية الصغيرة ربما تجده طبيبًا، أو محاميًا، أو أستاذًا، وناجح في عمله ومهنته كما هو ناجح في كرة القدم، وذلك بعد أن نجحت دولته في الاستثمار بكوادرها الوطنية، وصقلت مهارات مواطن واحد في أكثر من مجال، وجعلته بنَّاء ماهرا في مهن مختلفة.

يمكنني أن أؤكد، ومن تجربة شخصية، أهمية الرياضة في حياتنا جميعًا. أنا لا زالت حتى اليوم أحرص على ممارسة تمارين رياضية لمدة لا تقل عن ساعة صباح كل يوم، هذه الساعة تزودني بجزء كبير من الطاقة التي أصرفها باقي اليوم، عندما اتجه إلى مكتبي وأتابع أعمالي المتنوعة في الضيافة والعقار والإعلان والاستثمار وغيرها داخل وخارج البحرين، وغالبًا ما أتناول غدائي في مكتبي الذي أغادره عند السادسة مساء لتلبية دعوة عشاء أو حضور فعالية اجتماعية أو ثقافية.

تلك رياضة جميلة أمارسها في المنزل، والأجمل منها بلا شك هو الرياضة الجماعية في مختلف الألعاب، سواء المائية أو الهوائية أو الأولمبية، وحتى كرة القدم والسلة والجري والماراثون. ألا ترون معي أن ممارسة الرياضة تلغي المسافات وتزيل العوائق الاجتماعية والثقافية والمادية بيننا كبشر؟

لفة جميلة في البحرين أيضًا هي يوم البحرين الرياضي، وقد شاهدنا كيف عاش الناس هنا هذا اليوم، ومدى حرص الشركات والجهات والمؤسسات والوزارات على المشاركة بهذا اليوم، وكيف تحولت المنتزهات والحدائق إلى مسارات للمشي والجري، وكيف جرى استثمار هذا اليوم في التعريف بفوائد ممارسة الرياضية يوميًا، ودورها في الوقاية من الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وغيرها.

المركز الدولي للتميز والمكتب الإقليمي للألعاب المائية في مملكة البحرين نقلة نوعية مهمة على صعيد وضع المملكة على خريطة الرياضات المائية العالمية، وله الكثير الكثير من المزايا والفوائد، ليس الرياضية فقط، بل الاجتماعية والثقافية والصحية والسياحية والحضارية أيضًا.