حين انتشر خبر المنطاد الصيني المحلّق في السماء الأمريكية غرّد الرئيس الأمريكي السابق، النابذ الأكبر للصين، مخاطباً المسؤولين في بلده: أسقطوه. أما الرئيس بايدن نفسه فقد صرّح بعد إسقاط المنطاد، أو البالون إن شئتم، بأنه أمر منذ البداية، بذلك الإسقاط، ولكن «البنتاغون» فضّل التريث حتى يصبح المنطاد في منطقة آمنة فوق مياه المحيط الأطلسي، متحاشياً تدميره فوق اليابسة خشية وقوع ضحايا، ويجري حالياً انتشال حطام المنطاد، الذي يقدّر بحجم ثلاث حافلات مدرسية.

منذ البداية حدّد المسؤولون الأمريكيون أن المنطاد صيني، ولم تنف الصين أنه يخصها، مشيرة إلى أن الغرض منه ذو طبيعة مدنية؛ إذ يستخدم لأبحاث الأرصاد الجوية، مبررة دخوله الفضاء الجوي الأمريكي، بأنها فقدت السيطرة عليه بسبب الرياح الغربية القوية التي سببت انحرافه عن المسار المحدد.

لم يأخذ المسؤولون الأمريكيون تبريرات الصين على محمل الجدّ، وظلوا مصرّين على أن أغراض المنطاد تجسسية صرفة، على الرغم من أن وزارة الدفاع الأمريكية صرحت بأن المنطاد يحلّق على ارتفاع عالٍ للغاية، ولا يشكّل خطراً على الملاحة الجوية المدنية، كما قال خبير أمريكي في الشأن الصيني إن ترسانة الصين تتضمن تقنية مراقبة أكثر تطوراً، ولديها وسائل أخرى للتجسس على البنية التحتية الأمريكية، أو لجمع أي معلومات تريد الحصول عليها.

في حال صحّت هذه الأقوال، وبافتراض أن تبريرات الصين غير صحيحة، ينشأ السؤال: ماذا أرادت بكين من إرسال منطاد قليل الفاعلية في جمع المعلومات الاستخباراتية إلى سماء أمريكا مسبّبة ما يشبه أزمة بين البلدين، من علاماتها تأجيل زيارة مقررة لوزير الخارجية الأمريكي إلى الصين؟

حسب خبراء أمريكيين، فإن الصين من خلال منطادها أرادت توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة، وكذلك اختبار ردة فعلها، ويشير تقرير مطوّل ل«بي بي سي» إلى أن الغاية هي إرسال «إشارة» للولايات المتحدة أكثر من كونه تهديداً أمنياً، ومفاد الإشارة الصينية إلى واشنطن، حسب هذا التقرير: «على الرغم من أننا نرغب في تحسين العلاقات بيننا فإننا على الاستعداد دائم لخوض منافسة مستمرة معكم بكل الوسائل الضرورية، دون التسبب في توتر شديد بين البلدين».

بقي القول إن كلفة صاروخ AIM- 9 الذي استخدمته واشنطن لتدمير المنطاد تبلغ نحو 381 ألف دولار، وقد تصل إلى 400 ألف دولار، وما من معلومات عن كلفة المنطاد الصيني نفسه، لكن اليقين أنها أقل بكثير من ذلك، شأنه شأن أي منتج صيني.