كنت من المحظوظين الذين تم توجيه الدعوة لهم للالتقاء بولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله ورعاه في مجلس الحواج الرمضاني مساء أمس الأول.
كنت ممن تشرف بالحضور ضمن لفيف من النخب والوجهاء والأعيان والتجار وبطبيعة الحال عدد من الوزراء والشوريين وأعضاء ديوان سموه المكرمين.
كان اللقاء على أعلى درجة من البساطة والعمق، وكان سمو ولي العهد وهو يتحدث عن النسيج الاجتماعي الواحد للمجتمع البحريني المتحاب فقد كان ينطق بالحق والصدق والحقيقة.
«إن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس» قد تجلى في مجلس أمس الأول ببيت عائلة الحواج، وما أضفى على المجلس ذلك الألق الجميل هي تلك الحميمية التي التقى فيها سمو ولي العهد مع جموع محبيه، وتلك الأفكار الجديدة التي لامس سموه مفرداتها برشاقة وبلاغة ودقة تناول.
لقد تحدث سموه عن كثير من الموضوعات والمفترقات، أهمها في نظري وهو ما يمكن أن نلقبه «بأولوية قصوى» مغزى استقرارنا الاقتصادي وقدرته على التعافي بعد كورونا، ولغز التجاوز لمعضلة الدَّين العام بعد أن أصبح لا يزيد على 101% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان يعادل 144% تقريبًا خلال أزمة كورونا، أي قبل سنة واحدة على وجه التقريب.
كان حديث ولي العهد حفظه الله هادئًا محبًا وعميقًا، وكان الحضور على أعلى درجة من اليقظة والاهتمام والتفاعل وهم يستقبلون المطارحات التي دارت بين سموه والرئيس المؤسس للجامعة الأهلية رئيس مجلس أمنائها البروفيسور عبدالله يوسف الحواج حول التخصص في التعليم والتدريب وكيفية تحقيق المواءمة بين احتياجات سوق العمل والمناهج والبرامج الدراسية في الجامعات.
ورغم أن الحديث قد تطرق إلى العديد من برامج الماجستير التي استحدثتها الجامعة الأهلية كأول جامعة بحرينية خاصة في المملكة وفي مقدمتها برنامج المحاسبة الجنائية، إلا أن الكلام قد ذهب إلى احتياجات الوظائف ومواقع العمل المهمة لخريجي مثل تلك التخصصات النوعية.
لا أحد يشك في أن اللقاء مع سموه قد تناول اهتمامات كل الحاضرين، من تجاوز لمحنة كورونا، إلى مجالسنا الرمضانية ونسيجنا المجتمعي الواحد، إلى حالة الارتباك الاقتصادي العالمية واستقرار أحوالنا، ثم إلى ذلك التكاتف والتعاون بين مختلف أطياف المملكة لتصب بنهاية المطاف في مجرى يدرك منبعه ويعرف طريقه جيدًا، ألا وهو التحليق بجناحي الحكومة والقطاع الخاص حتى نستطيع أن نعبر تحديات المرحلة بكل أمان واستقرار وتعاط حكيم مع التكنولوجيا الفارقة، والتطورات العلمية ومفاجآتها.
كل ذلك كان على طاولة شديدة العفوية بين مسؤول كبير وشرائح من الشعب، بين حديث صريح من القلب إلى القلب.
قبل أيام قرأت مقالاً للبروفيسور الحواج وهو يكتب عن حديث الروح، ذلك الحديث الذي تم في وقت رمضاني سابق في بيت أحد كبار رجال الأعمال، بالتحديد عندما تحدث سمو ولي العهد كذلك عن حقيقة مهمة مفادها أنه لا فرق بين قطاع عام وقطاع خاص، فالجميع سواسية في الحقوق والواجبات أمام الدولة والوطن والناس.
من هنا يمكن أن نبدأ، ومن هنا ينبغي أن يعود للقطاع الخاص دوره المتوازن ليساهم بكفاءة أعلى في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
و.. من هنا لا بد أن تنطلق إرادة المجتمع لتلتقي مع فكر الاقتصاديين، احتياجات المواطن مع فلسفة التنمية المستدامة والتنافسية والقدرة على التحقق.
كل ما كان في جعبتنا، وكل ما كان يختلج في صدورنا من أحاسيس وأفكار وقضايا تهم كل الناس، جاء به سمو ولي العهد إلى مجلس الحواج وتطرق إليه بمنتهى البساطة والعمق والحميمية مع الجميع، وكل عام وبحريننا الغالية بألف خير.
التعليقات