بلغ عدد من أجلتهم المملكة بحراً وجواً من السودان إلى جدة المملكة من السعوديين وغير السعوديين لعدد (96) دولة شارف عددهم 5000 أو نحو ذلك الرقم حتى السبت الماضي 29 إبريل 2023 منذ بداية الحرب قبل (14) يوماً.

هذه صور أخرى بلا ترتيب فرضتها ظروف الحرب في السودان في لحظة سريعة، لم تخطط الدول لإجلاء مواطنيها ولم تسبقها أيام، الجميع صدموا بالحرب، ووجدوا أنفسهم عالقين في العاصمة الخرطوم التي كانت تمثل المدينة المركزية في السودان، والأطراف المتنازعة دفعت بقوتها إلى داخل العاصمة الخرطوم للسيطرة على العاصمة التي توجد بها الأجهزة والوزارات المهمة، فالذي يسيطر على الخرطوم يملك زمام الحرب ويقوده للانتصار، ونتيجة لهذه السرعة في المواجهات افتقد السكان للأمن وخدمات الماء والكهرباء والأكل، فكان الهدف الأساس هو الخروج من العاصمة بأسرع وقت، فكان أمام الدول الممر الآمن الخروج عبر ولاية بورتسودان المطار الجوي والميناء البحري على البحر الأحمر، ومنه إلى جدة ميناء الملك عبدالعزيز الإسلامي حيث تستقبلهم قاعدتا الملك فيصل البحرية وقاعدة الملك عبدالله الجوية، فكانت السعودية بكامل جاهزيتها: الأمنية والإدارية والطبية والرعاية والإيواء حتى يتم استكمال الإجراءات النظامية ونقلهم عبر طائرات الدول كل جنسية إلى دولتها.

العالم تعرف من جديد على المملكة وعلى قيادتها وشعبها والطواقم الأمنية والطبية والاجتماعية والإدارية التي أشرفت على إجلاء 96 جنسية من الدول، وتعرفوا على أخلاقيات وقيم هذه الدولة وشعبها التي لم تتردد القيادة وطواقم المساعدة والمساندة لحظة عن تقديم يد العون لمن فروا من نيران الحرب بتحريك الطيران والسفن السعودية لإجلاء العالقين دون تمييز أو انتقاء كل من طلب المساعدة قدمت له لإيصالهم لأوطانهم.

لقد أدركت وثمنت الدول هذا الموقف الشجاع والمبادر وتحمل المملكة كل التبعيات المالية وتحريك فرقها الإغاثية والإسعافية لعمل إنساني نابع من أعماق القيادة والشعب فيما يعرف في الأدبيات الإسلامية والعربية إغاثة الملهوف التي حث عليها ديننا وعروبتنا وثوابت دولتنا، حين واجهت الأزمة بصبر وثبات، وخلال الأسبوعين الماضيين للحرب قدمت دون تقصير نجدة العالقين بالسرعة والجودة.

لقد عرف العالم ما كانت تقوم به المملكة في أزمات سابقة في حرب تحرير الكويت وحروب الخليج وثورات الربيع العربي عندما عصفت الحروب بالوطن العربي، والأزمات الاقتصادية والتي مرت بها الدول وأزمة كورونا وآخرها السياسة النفطية التي تقوم بها المملكة لتحافظ على استمرار تدفق النفط للعالم واستقراره إنها مواقف المملكة المبدئية والأصيلة، إنها تعمل لصالح العالم والإنسانية والأمن والاستقرار والحفاظ على الأرواح والممتلكات والسلم العالمي.