كان يوم عيد للصحافة أن يتم الاحتفاء بالبارزين فيها بمن حالفهم التوفيق ليفوزوا بجائزة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله ورعاه، وكان يومًا استثنائيًا لأن الفوز كان خليطًا ذهبيًا من المخضرمين والشباب الواعدين، من الخبراء وهؤلاء الذين دفعتهم موهبتهم الحقيقية إلى العمل والتميز في بلاط مهنة المتاعب.

كان يوم عيد لأنه لم يمر مرور الكرام على مجرد جوائز واحتفالية، على تصريحات وأفراح وهدايا وشهادات تقديرية، كان يوم للشراكة بين الصحافة والمسيرة التنموية، هكذا يتصدر تصريح سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الصحف الصادرة ومواقع التواصل اليقظة، هو يوم ليؤكد فيه سموه على أن الصحافة المحلية مرآة تعكس الجهود الوطنية المبذولة والمنجزات التنموية المتحققة، من خلال نقل الرسائل البناءة التي تدعم المسارات المختلفة وتحترم القضايا المجتمعية لمواصلة مسيرة العمل الوطني.

يوم عيد لأن سموه وفقه الله جاء بنفسه لكي يحتفي مع الصحافيين في يوم تميزهم، لأن حرصه كان شديدًا كي يكون بين صحافييه من أبناء هذا الوطن الغالي، وأن يكون معهم على قلب رجل واحد من أجل أن يصبح للإنجاز مذاقه الطيب وللخطوة المباركة مسارها الصحيح.

معاول بناء، ومسيرة نماء، وحرص واضح من القيادة أن يكون للصحافة مكانتها، وأن تصبح في مقدمة المهن التي تتلقى الاهتمام والرعاية حتى تتمكن من تنوير المجتمع وتوجيه بوصلته الوطنية نحو الإنجاز والنجاح، نحو النماء المتحقق في مختلف الأنشطة والقطاعات.

إن من يحمل القلم لكي ينير دروب الإنسانية بكلمة لابد وأن يكون محل تقدير القيادة الواعية، وأن من يدافع عن ثوابت بلاده ويعكس إنجازات وطنه إنما يساهم بكل ما أوتي من وعي وعلم وفطنة في كل نجاح يتحقق وفي كل نماء يتألق، وفي كل منجز على الأرض.

إن ما يثلج الصدر أنني شخصيًا شعرت من خلال ذلك اليوم، أن قادتنا حريصون على وضع الصحافة في مكانها الطبيعي، وأنهم يحفظهم الله مهتمون بتمكين الصحافيين ليؤدوا دورهم الوطني على أكمل وجه.

سعادتي كانت غامرة عندما فاز أحد رفقاء الدرب والهم والمهنة خليل يوسف بجائزة أفضل مقال صحافي، هو يستحق، لأنني أعرفه عن قرب، وقضيت أكثر من نصف عمري مشاركًا معه في مختلف المحافل والمجالات الصحافية، ولأنني أعرف كيف يبحث الزميل الموهوب عن المعلومة، وكيف يتعب في الحصول عليها، وإلى أي مدى كان وسيظل الحس الوطني، والاعتبار العام أغلى وأهم عنده من أية اعتبارات هامشية أخرى.

خليل يوسف مثلما أعرفه، رمز لالتزام أبناء المهنة بقضيتهم الإنسانية في تطوير المهنة، وأعتقد أننا حتى اللحظة لم نستطع الاستفادة من إمكانات الزميل القدير لكي يساهم بكل طاقته ومخزونه في تطوير صحافتنا، وتحويلها من صحافة بيانات «بريس ريليز» إلى صحافة البحث والتقصي عن المعلومة الصحيحة في الزمن الصحيح.

وأعتقد أن الوقت قد حان ونحن في غمرة الفرح بالمنجز المتحقق للصحافيين المتميزين، أن نفكر بصوت مسموع لتطوير المهنة، ليس من خلال بعض الضيوف الذين يأتون من الخارج ليلقنوننا دروسًا نعرفها ونمارسها في الصحافة الإبداعية والإعلام التفاعلي، إنما بتشكيل هيئة أو لجنة حكماء من المخضرمين الذين مارسوا المهنة خلال فترة عملهم الطويل ويعرفون خباياها، ويدركون خطورتها، ويفهمون فيما يقال ما بين السطور.

صحافتنا تحتاج إلى تطوير، إلى هذه اللجنة لكي تضعنا على المسار الصحيح، لتحدد مفهوم الصحافي الذي لم ينجح القانون في تعريفه حتى الآن، وأن تساعدنا على البت في معايير العمل الصحافي واشتراطات تقلد المناصب فيه، وتساعدنا على فهم طبيعة عمل الصحافي وكيف أنه يذوق الأمرين ويُعرض نفسه للتساؤل أحيانًا وهو يبحث عن خبر صحيح في الوقت الصحيح، تمامًا مثلما تساعدنا على وضع مقاييس لما يسمى بـ«إسكان الصحافيين»، بل وللمستحقين الحقيقيين حتى لا يحصل كائن من كان على حق يتجاوز حقه المشروع في سكن ملائم يقيه شر عوز تقدم العمر وانعدام الرعاية.

لجنة حكماء أو فقهاء إعلاميين تبحث فيما يسمى بتقاعد غير المتقاعدين من الصحافيين خاصة هؤلاء الذين يعملون بالدوام الجزئي دونما أية حقوق لدى جهات غير صحافية، ليس غريبًا على دولة مستنيرة مثل البحرين، ان تفكر في هذه المناسبة الجليلة عن مخرج طوارئ آمن، لكل من لم يحالفه التوفيق من الصحافيين «المهنيين» الحقيقيين لكي يظفروا بهذا الحق من قبل. يوم جائزة الصحافة، عيد لجميع الصحافيين، وكل جائزة وأنتم طيبون.