لم يبقَ من الزمن سوى ساعة واحدة ويصل السلطان اردوغان الي بيت الحكم في أنقرة، خرج مناصروه من «الحرية والعدالة» للاحتفاء بصاحب البيت العالي وهم واثقون بأن «الخليفة» قد فاز في الانتخابات الرئاسية من أول جولة ويلمس الأكتاف.
لم يتصور أكثر المتشائمين أن النتيجة التي اصبحت قاب قوسين او ادنى مائلة بزاوية حادة لأردوغان بعد أن خرجت التسريبات لتعلن فوزه باكثر من 60 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين وهو لا يحتاج الى 51 بالمائة فقط، خاصة أن أكثر من 90 بالمائة من الصناديق قد تم فرزها ومراجعتها بدقة.
لم يتصور هؤلاء المتشائمون أن كمال كلتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري سوف يكشر عن أنيابه في اللحظات الأخيرة ويزيد من سرعته ليدفع منافسه «الإخواني» الى جولة الإعادة يوم 28 مايو الجاري، بعد أن انتهى النزال الصعب بمنع أردوغان من الوصول بسهولة إلى سدة الحكم وبعد أن وعد أوغلو الشعب بإعادة اللاجئين لبلادهم و المبعدين الأتراك إلى وطنهم.
لم يبقَ من الزمن سوى أيام معدودات على جولة الحسم، ونحن على بعد مهاترات من اليوم العظيم، خاصة أن كلا المتنافسين أردوغان وأوغلو يراهنان على أنصار المرشح الثالث سنان أوغان والذي سقط بالقاضية من الجولة الاولى.
لم يضع أردوغان الوقت، وبدأ بالاتصال مع أوغان محاولاً استرضاء مناصريه بأي شكل، ولكن مثلما يؤكد المراقبون من المشهد الانتخابي التركي، فإن جولة المباحثات الأولى بين السلطان «المفزوع» والرجل المكلوم قد باءت بالفشل، خاصة وأن جزرة التحالف بالوعود التي شبع منها أوغان من قبل قد تم التهامها أكثر من مرة، خاصة وان مواقف أردوغان لاوغلو او لاوغان طالما ما كانت تذهب أدراج الرياح.
ويؤكد هؤلاء المحللون بأن الهاجس الأمني الحدودي مع العراق وسوريا وحتي إيران لم يغب عن المشهد الانتخابي التركي، حيث ورقة الاكراد وقضايا الحوار الحدودية، والحلم التركي بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي، جميعها، أصبحت موجودة بقوة في ميدان تقسيم وسط اسطنبول، بل أن اللعب على المكشوف في جولة الفرصة الأخيرة اصبح بمثابة الحاضن غير الرحيم لأردوغان وأوغلو، حيث الفرص وقد باتت متكافئة، والأرقام وقد أصبحت متقاربة، والجميع على قدم وساق من أجل الوصول الى الحكم بأي ثمن.
والسؤال ما هو موقف العرب من كل مترشح؟ هل نحن مع أردوغان أم مع أوغلو؟ هل نصدق أن أمير جماعة «الحرية والعدالة» أن يتدخل مجددًا في الشأن المصري وفي الوضع الليبي، ويتوقف انتهاكه للحدود مع العراق باحثًا او متذرعًا بوقف تهديدات فلول حزب العمال الكردستاني؟ وهل سيخرج السلطان العثماني خالي الوفاض من عين العرب في سوريا حافظًا لماء وجهه، بل وعلى ما تبقى له من علاقات شبه طيبة مع بعض دول الخليج؟.
مؤتمر القمة العربية في جدة كان واضحًا، وكانت دعوة وحضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمة وترحيب الزعماء العرب به دليلاً على مساندة بلاده ضد كائن من كان، إلا أن كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام المؤتمر والتي دعا فيها لضبط العلاقات مع دول الجوار فإنه كان يقصد وضعنا المحتدم مع الجار التركي وإن كان يقصد ايضًا الجارين الاثيوبي والايراني.
الانتخابات التركية ونتائجها سوف تلقي حسب المحللين بظلالها الكثيفة على المشهد السياسي الاقليمي، بل وعلى مستقبل العلاقات بين دول الاقليم، وعلى الاوراق الحاسمة في ضربة حظ أخيرة بين أردوغان وأغلو، حيث الثامن والعشرين من مايو لناظره قريب.
التعليقات