جاءت كلمة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها الثامنة والسبعين بنيويورك لتؤكد على مجموعة من ثوابت المجتمع البحريني، والتي تعززت في عهد جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة من خلال القوانين والتشريعات والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهي كلمة شاملة ومحكمة ضمن المناقشات الدورية بالمنظمة الأممية.

فقد أكد الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية على مجموعة من القيم والمبادئ التي تقوم عليها مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ومنها مد جسور التعاون الدولي، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة والحليفة من أجل الحفاظ على السلم والأمن والاستقرار، وتوفير البيئة الآمنة المزدهرة والمستدامة لخير شعوب العالم، والتي أكدتها الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار بين البحرين والولايات المتحدة.
لقد جاءت كلمة وزير الخارجية بالجمعية العمومية لتكشف للمجتمع الدولي عن رؤية مملكة البحرين لتعزيز الحضارة الإنسانية وحقوق الإنسان، ووقوفها مع دول العالم لتعزيز الأمن والاستقرار، وذلك انطلاقا من إقامة العلاقات الدولية على أسس ومبادئ حسن الجوار، واحترام القانون الدولي وسيادة الدول واستقرارها وسلامتها الإقليمية وقيمها الدينية والثقافية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو المبدأ التي قامت عليه مملكة البحرين منذ استقلالها، وهو الأمر المشاهد اليوم في العلاقات الدولية مع سائر الدول المؤمنة بالسلام والاستقرار.
وجاء في الكلمة التأكيد على (ضرورة تغليب لغة الحوار والنهج السلمي والحضاري في إنهاء الحروب وتسوية النزاعات الإقليمية والدولية كافة)، فالخلافات القائمة اليوم بين الدول لا يمكن معالجتها بلغة العنف والقوة، لابد من فتح قنوات الحوار، ولابد من وجود حكماء لمعالجتها ووضع الحلول، وهو الأمر الذي تنادي به البحرين منذ أمد بعيد، فلابد أن تسود لغة الحوار، والمؤسف أن بعض الدول قد أغلقت باب الحوار فدخلت في مستنقع آسن من العنف والتخريب والتدمير!!
وفي قضية الإرهاب وما خلفته من آثار مدمرة في بعض الدول فإنه لابد من محاربة ومكافحة الإرهاب، والسعي لتجفيف منابعه المالية والفكرية، وفي الجانب الآخر منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وضمان خلو منطقة الشرق الأوسط منها، وهي مناشدة جادة وحثيثة من البحرين للمجتمع الدولي للتحرك السريع لتعزيز الأمن والاستقرار الدولي، وهذا ما جاء في كلمة وزير الخارجية.
خطاب وزير الخارجية كان شاملا لكل القضايا الإقليمية والدولية، متناولاً كل القضايا، صغيرها وكبيرها، فقد أكد على دعم البحرين لوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والترحيب باستئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وهي قضايا مهمة ورئيسية بالمنطقة.
لقد أشار وزير الخارجية إلى أهمية تجاوب المجتمع الدولي مع مبادرة جلالة الملك المعظم في نشر السلام والتسامح والتعايش والحوار، وهي جميعها مرتكزات أساسية لتحقيق الأمن والتنمية واحترام حقوق الإنسان، وأكد على قيمة حضارية رئيسية في بناء المجتمع الدولي وتعزيز الاستقرار، وهي أن السلام هو خيارنا الاستراتيجي نحو عالم أكثر أمانا واستقرارا وازدهارا، وقد حققت البحرين في هذا الجانب الكثير من المكاسب، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، خاصة بعد تدشين إعلان مملكة البحرين لحرية الدين والمعتقد، وتأسيس مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وغيرها من المبادرات الحضارية.
وقد لفت وزير الخارجية في ختام كلمته على أهمية تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته، وتكثيف الجهود وتوجيه الاستثمارات والموارد المالية لضمان الازدهار والرخاء لشعوب العالم، من هنا لابد من التأكيد على أهمية العمل الجماعي لتحقيق الأمن والاستقرار بالعالم.