أجمل التهاني للجميع بفوز المملكة بمعرض إكسبو 2030. إنه إنجاز مبهج، لا يستهان به، فهو يضاف إلى سجل المملكة الحافل بالإنجازات على المستوى الدولي، ويعكس مكانتها الاقتصادية والسياسية والثقافية، ويؤكد التنافسية الاقتصادية المرتفعة للمملكة، ويحقق طموحاتها للتحليق في فضاءات المستقبل بكل إصرار وتصميم.
في الحقيقة، لقد وفق القائمون على الرياض إكسبو 2030 في اختيار الموضوع الرئيس تحت عنوان "حقبة التغيير: معا نستشرف المستقبل"، ليعكس الأهداف الاستراتيجية للمملكة واهتماماتها الإنسانية النبيلة محليا وعالميا. وسيقام الرياض إكسبو 2030 -بإذن الله- على ستة ملايين متر مربع.
لقد تم تصميم شعار "الرياض إكسبو 2030" بعناية، بحيث يتكون من ست سعفات، ولكل سعفة نمط ولون يميزها عن الأخرى، لتجمع بين ملامح الرياض التي تمتاز بتنوعها وحيويتها، وبين موضوعات المعرض: الطبيعة، العمارة، الفن، التقنية، العلوم، والتراث. وفي عصر التغيير المتسارع، يتطلع "الرياض إكسبو" إلى غد أفضل للعالم أجمع، غد يعيش فيه الإنسان عمرا أطول بفضل التقدم الطبي، غد تكتشف فيه أدوية لأمراض لا يوجد لها علاج من قبل، وغد يعيش الناس فيه بصحة أفضل، خاصة مع تزايد نفقات الرعاية الصحية الحكومية، بسبب ارتفاع مستويات الشيخوخة.
من هذا المنطلق يهدف الرياض إكسبو إلى الإسهام في توفير بيئة محفزة لجميع الأجيال، تقدم فرصا للشباب، وتوفر عناية أفضل للمسنين، وتحقق رفاهية للأمهات والأطفال، ويهدف أيضا الرياض إكسبو من خلال اختيار موضوع "غد أفضل" إلى تسخير العلوم والتكنولوجيا من أجل الإنسانية، بدعم الابتكار المسؤول وتقليص الفجوة الرقمية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء مع بذل الجهد نحو تقليل الاتكالية على التقنية وتجنب مخاطرها، بتزامن تام مع أهداف التنمية المستدامة.
بعد هذا الاستعراض الموجز، تساؤلات كثيرة تبرز في الأذهان عن الآثار المتوقعة لمعرض الرياض إكسبو. من المؤكد أنه سيحدث حراكا استثماريا كبيرا في مدينة الرياض والمملكة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي، أولا: سيسهم في تسريع إنجاز مشاريع تطوير البنية التحتية واستكمال المرافق العامة اللازمة لتنضم مدينة الرياض إلى قائمة مدن المستقبل الذكية، ما يسهل الطريق لتدفق السياحة إلى المملكة. ثانيا: سيوفر فرصا استثمارية كثيرة للشركات اللوجستية عموما، خاصة في مجال النقل والفندقة ونحوها، الأمر الذي سيعزز في النهاية مفهوم "عالمية" مدينة الرياض، ويزيد من توهجها وجاذبيتها حتى بعد انتهاء معرض إكسبو. ثالثا: تعزيز النقل العام بجميع أنواعه، الجوي والبري والبحري لخدمة الإنشاءات والخدمات المواكبة لذلك، بل إن الرياض إكسبو 2030 سيكتب سيمفونية الانطلاقة الحقيقية لمترو الرياض. رابعا: لا شك أن رفع مستوى البينة التحتية وتوفير الخدمات اللوجستية ودور الضيافة على مختلف مستوياتها سيزيد من جاذبية مدينة الرياض ويعزز تنافسيتها بين المدن العالمية. خامسا: سيفتح باب السياحة الخارجية على مصراعيه بعد التعريف بهذه المدينة العملاقة في مملكة إنسانية متميزة بجغرافيتها الطبيعية، ومناخاتها المتنوعة، ومعالمها الآثرية، وتراثها الحضاري والثقافي المتنوع، وذلك من خلال ما ينشره زوار الإكسبو حول تجاربهم بعد عودتهم إلى دولهم. سادسا: نتيجة الانفتاح العالمي على البيئة الاستثمارية في المملكة والتفاعل وتبادل الأفكار والابتكارات والتقنيات بين المشاركين في إكسبو، فمن المتوقع أن يزداد الاستثمار الأجنبي في المملكة وتزداد الشراكات بين الشركات الأجنبية من جهة والشركات المحلية من جهة أخرى، ما يخدم التنمية في بلادنا، ويزيد من فرص التوظيف للشباب من الجنسين.
سابعا وأخيرا: من غير الواضح حجم تأثير معرض إكسبو في أسواق العقار والمال، ولكن من المرجح أن تزداد جاذبية الشركات المدرجة في سوق المال، وسيترك تأثيرا في سوق العقار قد يكون محدودا بسبب المستوى المرتفع للأسعار الحالية، وما ينتظر عن إطلاق استراتيجيات وخطط لمدينة الرياض ربما تسهم في استقرار السوق.
التعليقات