قبل الدخول في تفاصيل فوز المملكة العربية السعودية باستضافة تنظيم "معرض الرياض إكسبو 2030"، من المهم برأي التأكيد على عدد من المسارات المحورية؛ لتوعية الرأي العام الوطني بدلالات الحدث الكبير، منها أن السعودية اليوم تتمتع باقتصاد مزدهر ومتنوع يجعلها موضع إطلاق العديد من الفرص والمشاريع الاستثنائية الكبرى، لذلك يؤمن العالم بتوجهاتها الديناميكية المدعمة بالحماس وروح الابتكار، كما أن بلادنا رحبت بالعالم في أكثر من حدث نوعي، وكان التفرد وحفاوة الاستقبال هو العلامة المميزة للاستضافة، ولغتها الكرم والأصالة التي تبرز ثقافتها وعراقتها التاريخية لجميع المستثمرين في الكوكب الذين يبحثون عن وجهة استثمارية واعدة، ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك أن الرياض تعد اليوم عاصمة الفرص والنمو الاقتصادي، وما يؤكد ذلك توجه دولتنا فيها لتكون موضعاً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً يواجه تحديات المستقبل.

إكسبو هو أحد أقدم وأعرق وأكبر المعارض العالمية، حيث يقام كل خمس سنوات، ويستمر في كل مرة لما يزيد على 6 أشهر، فالنسخة الأولى كانت عام 1851 ميلادي في لندن، ومن حينها استمرت هذه التظاهرة النوعية لأكثر من 170 سنة، والهدف والغاية من خلفه، هو حشد الوعي تجاه التحـديات العالميـة، وخلق بيئة محـفزة للحول. يشكل موضوع إكسبو مصدر إلهام لجميع الفعاليات والعروض، وسينعكس ذلك على الخدمات الثقافية المقدمة في المدينة من خلال ركائز "التراث الثقافي" و"العالمية"، و"السعي للتميز"، وإحداث التغيير"، و"الحوار الثقافي".

بالنسبة للسعودية التي استطاعت استقطاب 119 صوتًا ومن الجولة الأولى، سيكون موضوع الرياض إكسبو 2030 الرئيس دفعة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة لحقبة التغيير، حيث سيكون أول إكسبو يحقق أثرًا إيجابيًا في البيئة، يتجاوز إطار الحياد الكربوني، وذلك من خلال تشغيل موقع المعرض بالطاقة النظيفة -بالاستفادة من الطاقة الشمسية الهائلة في السعودية-، وتطبيق استراتيجيات مدروسة لتجنب هدر الطعام وضمان إعادة التدوير، فضلًا عن إدارة النفايات بطريقة مراعية للبيئة، مع اتباع أعلى المعايير الدولية الخاصة بالتنقل وسهولة الوصول وحقوق العمال بمن فيهم المتعاقدون من الباطن.

ومن المهم أيضًا ونحن في خضم الاحتفال، أن نعي أن فوز السعودية بتنظيم معرض إكسبو 2030، كان نتيجة مباشرة لرؤية وتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتتويجًا لتحقيق المستهدفات التنموية والاقتصادية والمجتمعية لرؤية السعودية 2030 الملهمة، كما أن الفوز يُعد خطوة مهمة نحو التأكيد على دور مملكتنا المهم في المشهد الإنساني المتفاعل مع كل ما يرسخ الحوار والتواصل والاستقرار والنماء، ويرسم حاضر العالم ومستقبله.

حدث نوعي مثل إكسبو سيجعل الرياض خاصة، والمملكة على وجه العموم، محور التركيز العالمي على صعيد إبراز القيمة الثقافية والاجتماعية التي تنعكس على تفرّد المواطن السعودي وتميّز هويته وتاريخه وحضارته وتمسكه بقيمه المجتمعية النبيلة.

أخيرًا، يدرك العالم من خلف منصة المصوتين الذين صوتوا لصالح السعودية لاستضافة "إكسبو 2030"، أنها بما لا يدع مجالًا للشك، تسخّر اليوم جميع إمكانياتها الجغرافية والثقافية والقيمية وركائزها الاقتصادية، وتأثيرها الدبلوماسي الدولي؛ لتكون الحاضن الأول لكل ما يتعلق بمجالي الإبداع والابتكار اللذين يجعلان عالمنا أفضل وكوكبنا أكثر استدامة، فدولتنا بصريح العبارة تقود المستهدفات لتنمية الكوكب، عبر معرض عالمي يتيح أحدث الابتكارات والحلول للتغلب على التحديات البيئية والمناخية، في أضخم نسخة دولية تلتقي فيها الثقافات وتتكاتف الإنسانية وتتحد الجهود الدولية للتغلب علـى تحديات الأرض.. دمتم بخير.