في عام 2006 وبعد غزوة حسن نصرالله غير الموفقة التي أدت إلى تدمير لبنان من الحدود الإسرائيلية حتى نهر الليطاني؛ مخلفةً وراءها آلاف القتلى والجرحى، أصدر (المتأيرنون) من حزب الله وحلفاؤهم في المنطقة؛ قائمة بمن أسموهم «متصهينين» من أعداء المقاومة!.. لم يكونوا بالتأكيد أعداءً للبنان، بل كانوا خصوماً للحزب الإيراني الذي اختطف لبنان لصالح طهران.

ما حصل في 2006 يتكرر مع كل حرب يأخذ فيها حزب إرهابي المنطقةَ شعوباً ودولاً نحو حافة الهاوية لإرضاء غروره ونزقه وأوهامه وقرارته غير المسؤولة.

خطيئة تلك الأحزاب أنها تطلب من الجميع تفهم أجنداتها وتبنيها والدفاع عنها والتواطؤ معها في إخفاء جريمتها وضحاياها، بل والاحتفاء بانتصاراتها الوهمية، وإلا ستصنف فوراً كعدو وصهيوني وكافر.

الآن وبعد أن تحطمت غزة وتحولت الأنفاق إلى ركام، وانكشف أبوعبيدة وما عاد قادراً على إعلان نصره الوهمي من سردابه، وأخفق المشروع الإخونجي للصعود إلى عروش العالم العربي وتشكيل طوفان من المظاهرات والاحتجاجات، بدأ تنظيم (الإخوان المسلمين) وحلفاؤه وممولوه في التغطية على الهزيمة، بحملات من التضليل الإعلامي وصناعة الأوهام، فالمعركة مع تل أبيب انتهت وتحولت إلى مفاوضات سرية في عواصم إقليمية وغربية، وستظهر نتائجها للعلن قريباً.

حربٌ ضاريةٌ على شاشاتِ الكمبيوتر وعبر (المنصات الاجتماعية) يخوضها تنظيم (المتأيرنين) ضد من تصدوا للدعاية الحمساوية، وفضحوا أهداف العملية، وكشفوا الانتصار الوهمي الذي استمات التنظيم لتمريره عبر كوادره إثر تجلي فضيحة المعارك على الأرض.

الانتصارات الوهمية التي انتقلت من سراديب غزة إلى الرأي العام العربي تستوجب فهم العقلية (الإسلاموية)

التي لطالما نقدت نكسة 67 واعتبرتها فضيحة للمشروع القومي العربي، مع أن عبدالناصر خرج بشجاعة معلناً تنحيه وتحمله مسؤولية الهزيمة.

اليوم تهرب حماس من الحقيقة المؤلمة وتريد من الجميع تغطيتها، ومن لم يفعل يتحول فوراً لعدو لدود، كيف لا؛ وهي تطلق عليها انتصارات، كما فعل حزب الله في لبنان، والقاعدة في قندهار، وداعش في الرقة.

إزاحة الهزيمة المدوية من تاريخ حماس وحاضنها تنظيم الإخوان يستوجب إلغاء أي مخالف لم يستسلم للابتزاز الحمساوي، وأولهم الجسم الإعلامي السعودي دون غيره؛ لأنه أثبت وعيه وعدم انخراطه في مشاريع الآخرين الوهمية، صحيح أن القوائم تضم مثقفين وإعلاميين وقنوات عربية أخرى، لكن عدوهم الأساس هو إعلام ومثقفو السعودية؛ لأن الهدف من العملية كلها ليس تحرير غزة، بل تدمير المشروع السعودي والاستيلاء على الرأي العام، وتحويل الشارع إلى مرتزقة يجوبون الميادين هاتفين باسم المرشد وهنية وغزة.

ظاهرة القوائم ليست جديدة ولن تتوقف، هل نتذكر قائمة من أُطلق عليهم العلمانيون التي أصدرها (إخونجية الصحوة) عام 90، لعائلات وأزواج وآباء نساء قدن السيارات، وتم وصفهم حينها بالكفار والشيوعيين والعلمانيين التي كانت مواصفات تلك الحقبة، لتنتقل المعركة إلى قوائم الحداثيين والتغريبيين، وليس انتهاءً بقوائم حروب غزة في العقدين الأخيرين، ففي كل حرب أو حدث مزلزل تصدر قائمة جديدة بتحديثاتها.

الاغتيال المعنوي وتشويه السمعة ومحاولة تدمير الإعلام السعودي لن تتوقف، فالقوائم المنتشرة لا تضم فلسطينيين لهم رأي مخالف لحماس، ولا أردنيين ينتقدون الجرائم الحمساوية، ولا حتى فلسطيني 48 ممن يحملون جنسية إسرائيلية ويعملون في الكنيست والجيش والأجهزة الأمنية، ويتقاضون أجورهم مِن خزينة تل أبيب، لأنهم لا يرونهم خطراً على المشروع الإخواني الإيراني في المنطقة، بل يرون في السعودي والسعودية تهديداً لأجندات مشغليهم.

لقد أثبتت الدولة السعودية طوال تاريخها وقوفها مع القضايا العادلة من أفغانستان إلى البوسنة والهرسك وقبلها فلسطين والعراق واليمن، لكن تلك المواقف المستقلة لم تكن أبداً جزءاً من الأجندة الإخوانية العالمية المتحالفة مع دول إقليمية ودولية، لذلك لن يتوقف السعي للقضاء على الدور السعودي أو اختطافه على أقل تقدير.

إن حصار السعودية ومحاولة تجريدها من أدواتها الإعلامية ووعي شعبها، سيبقى ما بقيت الحكمة السعودية، فقناة العربية تسمى العبرية، ومجموعة إم بي سي بالماجنة، كما كانت جريدة الوطن تسمى بالوثن، والشرق الأوسط خضراء الدمن.. هي قصتنا جميعاً مع أعداء دولتنا ورموزها وأدواتها منذ التأسيس حتى اليوم! فهل فهمنا ما يسعون ويخططون له؟