أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيسة مؤتمر قمة المناخ «كوب 28»، الأربعاء الماضي، إقرار «اتفاق الإمارات» التاريخي للمناخ بموافقة 197 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أن تم تمديد المفاوضات التي كان مقرراً الانتهاء منها الثلاثاء، حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء حيث شهدت النقاشات حول الوثيقة النهائية مفاوضات مكثفة تمحورت حول ما إذا كانت الوثيقة النهائية ستتضمن دعوة إلى «الخفض التدريجي» أم إلى «التخلص التدريجي» من الوقود الأحفوري، وأصبحت الصياغة المستخدمة في الوثيقة النهائية لوصف مستقبل الوقود الأحفوري هي القضية الأكثر إثارةً للجدل في القمة، إذ ووجهت بمقاومة شديدة من الدول المنتجة للنفط، التي ترى إمكانية خفض الانبعاثات دون الاستغناء التام عن المصادر الأحفورية. فهل يكون اتفاق الإمارات بدايةَ النهاية لعصر الوقود الأحفوري؟

جاءت المادة 28 من نص «اتفاق الإمارات» التاريخي كثمرة لجهود الإمارات في تقريب وجهات النظر ودفع الأطراف باتجاه تحقيق هذا الاختراق المهم وغير المسبوق في ملف الوقود الأحفوري بشكل خاص والتحول نحو الطاقة النظيفة، فلأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ يتم النص صراحةً على الوقود الأحفوري بكل أنواعه، حيث نصت المادة 28 من الاتفاق على التحول عن استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة ابتداء من العقد الحالي بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتحقيق صافي انبعاثات (صفر) بحلول عام 2050 بما يتماشى مع العلم.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد دعت أعضاءها وحلفاءها إلى مقاومة أي محاولات في مفاوضات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) تطال الوقود الأحفوري في اتفاقها الختامي. إذ يسيطر أعضاء أوبك مجتمعين على نحو 80 بالمئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم ونحو ثلث الإنتاج العالمي اليومي من النفط. ويعتمد الأعضاء كثيراً على عائدات النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل. وبالتالي فإن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يعصف بالنمط الذي قامت عليه اقتصادات هذه البلدان المنتجة للنفط والغاز. وصرح الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في رسالة بتاريخ السادس من ديسمبر الجاري إلى أعضاء أوبك وحلفائها في «كوب 28»، بأن العالم يجب أن يستهدف الانبعاثات بدلاً من الوقود الأحفوري نفسه. وترى دولة الإمارات، عضو أوبك، والدولة المضيفة لقمة المناخ، أن التقليص التدريجي للوقود الأحفوري أمر ضروري ولا مفر منه، لكن يجب أن يكون جزءاً من خطة شاملة ومدروسة لانتقال الطاقة مع مراعاة ظروف كل بلد ومنطقة.
وأكد نص «اتفاق الإمارات» على «التحول من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشياً مع ما يوصي به العلم». وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعد التوصل إلى الاتفاق، إن «عصر الوقود الأحفوري يجب أن ينتهي، ويجب أن ينتهي من خلال تحقيق العدالة والإنصاف». وتابع: «للمرة الأولى، بات لدينا اعتراف بالحاجة إلى التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري بعد سنوات عديدة من عرقلة مناقشة هذه القضية».
وجاء «اتفاق الإمارات» في نهاية عام شهد معدلات عالية من حرائق الغابات وموجات الجفاف والفيضانات المدمرة، وبلغت درجات الحرارة فيه مستويات قياسية غير مسبوقة. وبينما لا يلزم هذا الاتفاق التاريخي الدول بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، فهو يفتح المجال للمزيد من الجهود في مواجهة التغير المناخي وتحدياته.