- ما زال مسلسل «التخبيب» لإفساد الأسرة مستمر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومن بعض المشاهير، حيث كثر الهرج والكلام في تقديم النصائح للمتزوجين من غير المختصين في المجال الأسري والتربوي، وابتداءً أؤكد على مقولة: من تحدث في غير فنه جاء بالعجائب!
- والواقع أننا نجد من المشاهير من يدلي بآرائه الشخصية وبنصائح غريبة للمتزوجين أو المقبلين على الزواج، والأعجب بعضهم حدثيوا الزواج، ولا يملكون الخبرة الكافية لتوجيه النصائح والإرشادات، والتي تحتاج لسنوات من المعرفة والتعلم، والعيش مع التقلبات الأسرية بمختلف مراحلها.
- الحقيقة أن النصائح الزوجية المغرضة «التخبيب» هي أمر منهي عنه شرعاً، فقد جاء في الحديث الشريف: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا». وكلمة، تخبيب، تعني إفساد المرأة على زوجها أو العكس إفساد الرجل على زوجته، في السابق كان التأثير محدوداً حيث يستمع إلى ذلك المخبب شخص أو عدة أشخاص في المجلس، وأما اليوم فعبر وسائل التواصل الاجتماعي ربما يستمع لمثل هؤلاء الآلاف من الزوجات والأزواج، والبعض منهم قد يكون عاطفياً ويتأثر على عجل قبل أن يعرض مشكلته على عقله أو على خبير ومتخصص.
- الأمر الآخر «أن كثرة التخبيب يفك اللحام» أي أن كثرة الذين يتحدثون في مسائل ومشاكل الزواج بغير علم سوف يؤثرون مع مرور الوقت على العقل الباطن للمستمع كما تفعل الدعاية والإعلان، أو كما تفعل بعض البرامج والأخبار الموجهة حيث أن التكرر لنفس الموضوع يرسخ الفكرة في عقل المتلقي والمشاهد.
- نقطة أخرى مهمة جداً، وهي أن تجربتك في الحياة الزوجية قد تكون سيئة أو لنقل غير سعيدة، فلا يعني ذلك أن تعممها على الناس أجمعين! فخراب البيوت والأسر ليس في مصلحة أحد أبدا! بل على العكس، فالذي يملك بعد نظر يعلم أن التفكك الأسري أمر بالغ السوء على المجتمع ككل، فالمسألة ليست قضية فردية، بل هي مسألة جماعية تخص عمق المجتمع، والمتأمل المُبصر يرى بكل وضوح حال الأسر في الدول الغربية، وما آلت إليه من تفكك مرعب ومشين، وهو الذي خلق ما يسمى «بالفردانية كما ذكرها الدكتور عبدالوهاب المسيري في أحد كتبه» أي أن مصلحتي أولا وما بعدي الطوفان، لتصبح العلاقات مبينة على المصالح الشخصية الفردية لا الأسرية أو المجتمعية.
- والجدير بالذكر أن الأخطاء الفردية يجب ألا تعمم، فحين يفشل البعض في الحياة الزوجية فلا يعني أن كل من حولك لابد أن يفشلوا؟! فأقل ما يمكن فعله في هذه الحالة هو التحلي بالقاعدة الذهبية التي تقول: «قل خيراً أو اصمت»، وأعلى منزلة منها هي القاعد الذهبية الأعم: «أَحب لأخيك ما تُحب لنفسك»، وبوضوح أكثر، فإن البعد عن منازل الحقد والحسد والإفساد بين الناس فيها راحة للبال، وطمأنينة للنفس، وهاتان القاعدتان التي ذكرت ليستا مستحيلاتا التطبيق، ولكن المسألة تحتاج إلى مجاهدة النفس، والصبر والممارسة، وقبل ذلك توفيقا من الله سبحانه وتعالى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أفضلُ النَّاسِ كلُّ مخمومِ القلبِ، صدوق اللِّسانِ، قالوا: صدوقُ اللِّسانِ نعرِفُه فما مخمومُ القلبِ؟ قال التَّقيُّ النَّقيُّ، لا إثمَ فيه، ولا بغْيَ، ولا غِلَّ، ولا حسَدَ». والشاهد أن مخموم القلب وصادق اللسان لن يخبب بين الأزواج؟!
- وأخيراً، نقول إن هناك الكثير والكثير من قصص النجاح للحياة الزوجية والأسرية، وفشل البعض لا يعني أنهم الأغلبية، وأن نصائح المخببين غير السوية تندرج تحت قاعدة: الشاذ أو النادر لا حكم له!
- آخر تحديث :
التعليقات