قلنا في مقالتنا السابقة إن دولة الإمارات وفّت بوعد قطعته يوم انطلاق فعاليات «كوب 28»، بتنظيم مؤتمر للأطراف يختلف عن سابقِيه. ويُجمع كافة المعنيين، من القطاعين الخاص والحكومي، وممثلي المجتمع المدني، والقيادات الدينية، والشباب والشعوب الأصلية...فلأول مرة تم الاتفاق على لغة موحدة بشأن الوقود الأحفوري، وذلك في البيان الختامي الذي صدر بعد التوافق عليه من كافة الدول المشاركة؛ كما تم وضع صندوق «الأضرار والخسائر» قيد التنفيذ، وتم جمع ما يزيد على 83 مليار دولار من الالتزامات المالية الجديدة.
ومن حق معالي الدكتور سلطان الجابر أن يفتخر بنجاح «كوب 28» عندما قال في مؤتمر صحفي: «تم إنشاء صندوق الحلول المناخية ألتيرا الذي سيركز بنسبة 100% على التغير المناخي. وللمرة الأولى على الإطلاق تم التعهد خلال «كوب 28» بزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة، والعديد من شركات النفط والغاز تتقدم للمرة الأولى على الإطلاق لتكثيف الجهود وذلك لتحقيق الأهداف والغايات الطموحة للغاية لتحقيق أهدافنا المتعلقة بخفض غاز الميثان والانبعاثات.. يمكن أن يكون لنا تأثير إيجابي عميق على مستقبلنا. وأعني كل مستقبلنا لأن الشمولية كانت القلب النابض لهذا المؤتمر هي التي جعلتنا نستمر خلال الأيام الصعبة لكي لا نتخلى أبداً عن هذه العملية التي كانت مدفوعة بالتضامن والشفافية والرغبة في الاستماع».
وأسابيع معدودة قبل «كوب28» قلت في برنامج «السطر الأخير» في «قناة أبوظبي» بأنه يجب تفعيل الأقوال إلى أفعال، وإعطاء تصور قابل للتطبيق لجعل دول العالم وخاصة الصناعية منها تأخذ قرارات حقيقية في هذا المجال بدل البقاء في عالم التنظير اللامتناهي، خاصة بعد الانتكاسات المتتالية في هذا المجال... كما يجب الضغط على الدول لتعزيز جهود مكافحة الاحتباس الحراري وخصوصا في الدول الأكثر تلويثاً في العالم؛ وتكون البشرية أمام خيار العمل معاً أو «الانتحار الجماعي» ؛ زد على ذلك أن الذي يدفع كثيراً ضريبة هذا التغير المناخي هي الدول منخفضة الدخل والتي تعاني من أسوأ حالات الجفاف الشديد والفيضانات وارتفاع مستويات سطح البحر حتى لو كانت انبعاثاتها منخفضة.
وتشعر البلدان في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى والجنوبية بآثار ارتفاع درجات الحرارة أكثر من معظمها؛ لذا نجد أن الدول الأكثر تضرراً في السنين الأخيرة هي على التوالي: موزمبيق (شرق أفريقيا) وزيمبابوي (جنوب أفريقيا) وجزر البهاما (المحيط الأطلسي/جنوب شرق الولايات المتحدة) واليابان، وملاوي (جنوب شرق أفريقيا) وأفغانستان وباكستان والهند وجنوب السودان، والنيجر، وبوليفيا (غرب أميركا الجنوبية) وتايلند ونيبال وميانمار وهاييتي والفلبين...
خلال «كوب28» نجحت دولة الإمارات بإعادة صياغة المحادثات حول تمويل المناخ، ودمج الاقتصاد الحقيقي في العمل المناخي؛ وانتقلنا في النهاية إلى عقلية جديدة حيث تصبح الحلول لتحدي المناخ هي المحرك الأساسي.
- آخر تحديث :
التعليقات