المبادرة المصرية ومأزق الأطراف ووقف العدوان على غزة
حسمت مصر موقفها وأعلنت الخطوط الواضحة لمبادرة وقف العدوان من خلال طرح ثلاث مراحل تنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، مع السعي لتوحيد الصف الفلسطيني تمهيدا للذهاب معا الي أي ترتيبات تتعلق بالقضية الفلسطينية، وتنطلق المبادرة المصرية باعتبار القاهرة هي الطرف الأجدر والأكثر إدراكا لتفاصيل ومفاتيح القضية، والأقدر على قراءة الملف، وواقع كل طرف من الأطراف بجانب امتلاك الاتصالات مع الأطراف الفاعلة والأطراف الإقليمية والدولية.
المبادرة تهدف الي حماية الفلسطينيين ووقف العدوان كأولوية وإدخال المساعدات الي قطاع غزة، ومثلما كانت مصر طرفا في التوصل إلى الهدنة الأولي ومدها قبل أن تعود المواجهة، وتمتلك مفاتيح كثيرة واتصالا مع كل أطراف الأزمة وأيضا الأطراف الإقليمية والدولية.
وحسب ما أعلنه ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فإن مصر طرحت إطارا لمقترح لمحاولة تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف المعنية، سعيا وراء حقن الدماء الفلسطينية، ووقف العدوان، وإعادة السلام والاستقرار للمنطقة، وأن صياغة هذا الإطار قد تمت بعد استماع مصر لوجهات نظر كل الأطراف المعنية بهذا الإطار يتضمن 3 مراحل متتالية ومرتبطة معا، وتنتهي إلى وقف إطلاق النار.
وحرص «رشوان» على تأكيد أن كل ما يتعلق بموضوع الحكومة الفلسطينية، هو موضوع فلسطيني محض، وهو محل نقاش بين كل الأطراف الفلسطينية.
«رشوان» أكد أن مصر لم تتلقّ حتى الخميس 29 ديسمبر أي ردود على الإطار المقترح من أي طرف من الأطراف المعنية، وعند ورود الردود من الأطراف المعنية، سيتم بلورة المقترح بصورة مفصلة، وإعلانه كاملا للرأي العام المصري والعربي والعالمي.
واضح أن مبادرة مصر لوقف إطلاق النار جاءت بعد تواصل مع جميع الأطراف المعنية، وتتضمن 3 مراحل مرتبطة تبدأ بوقف القتال لمدة قابلة للتمديد، تبادل الإفراج عن المحتجزين من الطرفين، تتبعها مرحلة يتم فيها وقف إطلاق النار بكامل مناطق القطاع، ويُسمح للمواطنين بالتحرك مع تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية، والتفاوض حول المحتجزين من الطرفين تمهيدا لوقف كامل لإطلاق النار، وبالتالي تفضي المراحل الثلاث إلى وقف إطلاق النار وهو الهدف الرئيسي الذي يؤدي إلى حقن دماء الفلسطينيين «ووقف المعاناة الرهيبة في غزة للمدنيين، خاصة الأطفال والنساء، والحالة الكارثية إنسانيا وصحيا».
رشوان أكد أن تشكيل الحكومة شأن فلسطيني فقط، ليس لأي طرف التدخل فيه، نافيا بذلك أخبارا مغلوطة حول هذا الأمر.
وبالطبع فإن مصر من جهتها تسعي لاستكمال جهود إنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، بما يسهل أي خطوات سياسية، تمهيدا لإعادة الإعمار بعد وقف العدوان.
وبالرغم من أن مصر لم تتلقّ ردا من الأطراف، لكنها تراعي في مبادراتها الاستماع إلى كل الآراء والاتصال بكل الأطراف، ومنذ بداية العدوان لم تتوقف خطوات الدولة المصرية في مواجهة الأزمة بكل السبل، وطرح خطاب واضح يضع كل الأطراف الإقليمية والدولية أمام مسؤولياتها، وتمسك الرئيس عبدالفتاح السيسي بموقف مصري يؤكد رفض تصفية القضية الفلسطينية، والسعي إلى تقديم السلام وضرورة الحل بإقامة الدولة الفلسطينية.
ورغم أن أيًّا من الأطراف لم يرُد، لكن الحرب التي تقترب من يومها التسعين، تقترب من خطوط النهاية، بعيدا عن تصريحات وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزراء الحرب، عن استمرار العدوان بينما الجاري أن الحرب تبدو بلا أفق، ولن تحقق غير قتل المزيد من المدنيين، والتأكد من استحالة القضاء على المقاومة نهائيا، وهو ما يضع كل الأطراف في مأزق يستدعي قبول وقف الحرب، وقبول المبادرة المصرية التي تنطلق - مثل سابقاتها - من معرفة وإدراك لمفردات الحرب.
التعليقات